کاشف امین
الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين
ژانرونه
وإن كان باعتبار ما حكى الله عنهم من اتخاذ المسيح وأمه إلهين مع الله تعالى وأن المسيح ابن الله، وأنه اتحد به على اختلاف بينهم في الاتحاد فبعضهم يقول: اتحد بالشبه. وبعضهم يقول: اتحد بالذات. فهو أدخل في البطلان مما قبله، لأنا نعلم وهم يعلمون بالضرورة المستندة إلى التواتر أن عيسى وأمه عليهما السلام كانا من أهل الأعصار المتأخرة عن القرون الماضين قبلهما إلى عهد آدم عليه السلام وأنهما من جملة البشر المخلوق بلا تناكر، فكيف اتحادهما إلهين مع الله تعالى ومن حق الإله أن يكون قديما وأن لا يكون بشرا مخلوقا؟
وبعد، فقولهم: إن المسيح ابن الله. يستلزم الحلول والولادة والله متعال عن ذلك.
وبعد فقولهم: إنهما اتحدا مشيئة. قول باطل من حيث أن مشيئة عيسى محدثة قائمة بقلبه كما في غيره من سائر البشر، ومشيئة الله عبارة عن إيجاده الموجودات بلا إيجاد ولا سهو ولا خطأ، فأين إحدى المشيئتين من الأخرى؟
وبعد، فقول الآخرين منهم: إنهما اتحدا بالذات. أدخل في الضلالة وأغرق في الجهالة، لأن الذاتين فأكثر يستحيل عليهما الاتحاد ويصيرا ذاتا واحدة سيما إذا كان أحدهما قديما والآخر محدثا لما بينهما من التنافي.
وبعد، فعندهم: أن اليهود قتلوا عيسى عليه السلام وصلبوه فكيف يصح دعوى إلهية من قتلته اليهود، وهل سرى القتل إلى الذاتين كما هو مقتضى الاتحاد أم إلى إحداهما فهو يرفع الاتحاد، لأن التي قتلت غير التي سلمت؟ وكيف يصح فيمن قهر حتى قتل وصلب أن يكون إلها؟ ولله القائل فلقد أفاد وأجاد:
عجبا للمسيح بين النصارى .... وإلى أي والد نسبوه
نسبوه إلى الإله افتراء .... ثم ظنوا اليهود قد قتلوه
إن حكمنا بصحة القتل والصل .... ب عليه فأين كان أبوه؟
فلئن كان راضيا بأذاهم .... فاحمدوهم لأجل ما فعلوه
مخ ۳۴۴