305

کاشف امین

الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين

ژانرونه

علوم القرآن

قلت: دلالتهما على العدل من حيث أن الله عز وجل أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يحاجج المشركين بتلك المحاججة عما هم عليه من القول بإلهيتها واتخاذها شركاء لله تعالى يعبدونها من دونه تعالى، وهذا لا يستقيم إلا إذا كانت أفعالهم منهم والتحدي المأمور به الرسول صلى الله عليه وآله وسلم والمحاججة على تلك المراتب التي ذكر الله له منه وفعله، ولو كانت الأفعال مخلوقة في المشركين من الله تعالى لما كان لهذا الكلام معنى ولما صح أن يأمر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بمحاججتهم ومكالمتهم، إذ ذلك فعله تعالى بهم وإيجاده فيهم وأمر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بمحاججتهم لا ثمرة له حينئذ، ولأن من جملة مخلوقاته تعالى محاججة الرسول إياهم فلا حاجة للأمر بها بل إن شاء تعالى أوجدها فيه صلى الله عليه وآله وسلم من دون أمر بها وإن شاء لم يوجدها، وإن شاء أوجد فيهم التوحيد ونفى عنهم الشرك وإن شاء أبقاهم عليه، فهذه الدلالة من جهة اللزوم العقلي لو كانت الأفعال من الله تعالى، وأما من جهة اللفظ فلأنه تعالى قال لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم: {قل{ وقال: {شركائكم الذين تدعون{ وقال: {أروني{ وقال: {خلقوا{، يعنى لو كانوا آلهة، وقال: {ائتوني{. وقال: {بل إن يعد الظالمون بعضهم بعضا إلا غرورا{ فأسند جميع هذه الأفعال إلى غيره تعالى حيث أسند بعضها إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وبعضها إلى المشركين وسماهم ظالمين وسمى مواعيدهم غرورا، ولو كانت عن الله لما كانت غرورا لأن وعده الحق، وهكذا دلالة سائر آي القرآن الكريم على العدل حتى قال القرشي رحمه الله تعالى: إن ما من آية من فاتحة الكتاب إلى خاتمته إلا وفيها دلالة على العدل وبطلان الجبر.

مخ ۳۳۷