کاشف امین
الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين
ژانرونه
والجواب عليهم: أن الفاء موضوعة للسببية فيقتضي أن ما ذكر بعدها سبب عما ذكر قبلها، ولو صح ما ذكروه من التأويل الفاسد والتعليل الكاسد لبطلت الأحكام الشرعية وغيرها من الأمور المسببة عما قبلها والمقرونة بفاء السبب نحو زنى ماعز فرجم، وسرق فلان فقطع، ولجاز لقائل أن يقول إن الرجم ليس مسببا عن الزنا مع الإحصان، وإن القطع لم يكن مسببا عن السرقة، وهذا معلوم البطلان مع أن الرؤية لو كانت جائزة لكان طلبها مثل طلب سائر المعجزات في الجواز والإباحة ولا حرج في طلب ما يوصل إلى معرفة الحق كيفما كان، ألا ترى أن الرسل صلوات الله عليهم لم تزل تطلبهم الأمم الذين أرسلوا إليهم المعجزات ويقترحونها عليهم حسبما يريدون، فإن كانت المصلحة في ذلك أظهره الله عليهم وإلا فلا من دون أن ينزل بهم ما نزل بهؤلاء الذين طلبوا من الله تعالى مالا يجوز في حقه وما يقتضي الإشراك به تعالى ومشابهته لخلقه، ومن أعظم خطبهم في هذه القصة وفرط غلطهم ولغطهم في هذه الآية قالوا: إن موسى عليه السلام لما علم بجواز رؤيته تعالى طلبها في دار الدنيا فأخبره الله تعالى أنه لا يراه في الدنيا، وصار ذلك أصلا عنده وعند بني إسرائيل مقررا أنه لا يراه في دار الدنيا والخبر واجب الصدق، وبعد استقرار هذا الأصل المعتقد طلب بنو إسرائيل الرؤية في دار الدنيا تعنتا أو شكا في الخبر فأنزل الله تعالى بهم تلك العقوبة.
قالوا: فكان طلب موسى عليه السلام الرؤية جائزا لأنه طلبها قبل العلم أنها لا تجوز على الله تعالى في الدنيا، وطلب قومه الرؤية غير جائزة لأنه بعد أن قد علموا أنها لا تجوز على الله تعالى، ولو كان طلبها عليه السلام له لا يجوز لكان حكمه حكمهم، ومعاذ الله لقد برأه الله من ذلك وكان عند الله وجيها، هذا ما قاله أحمد في حاشيته على الكشاف.
مخ ۲۹۸