264

کاشف امین

الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين

ژانرونه

علوم القرآن

وبعد فإنما كان تستقيم له هذه الدعوى لو كانت لفظة كل مذكورة في الكلام مصرح بها بأن يكون لفظ الآية: لا تدركه كل الأبصار، فأما مع عدمها ودعوى تقديرها فلا يسلم له ما يفرعه من أنه يفهم منه بل تدركه بعض الأبصار، لأنك إذا قلت: زيد لا يتزوج النساء. كذبت هذه القضية بتزوجه واحدة من النساء لتوجهه إلى الجنس والماهية دون الجملة والكل المجموع بخلاف ما لو صرحت بلفظة كل بأن قلت: زيد لا يتزوج كل النساء، لم تكذب هذه القضية بأن تزوج واحدة أو اثنتين أو أكثر لاحتمال أن المراد لا يتزوج كل النساء بل يتزوج بعض النساء.

فعلمت بهذا الكلام أن سلب العموم الذي بنى عليه المعترض استدلاله إنما يستقيم على التنزل لو ذكرت لفظة كل، وهذا واضح لمن أنصف دون من حاد عن الحق وتعسف.

وبعد فالآية واردة مورد المدح إجماعا، ولا مدح له تعالى في أنه لا تدركه كل الأبصار، بل تدركه بعض الأبصار لأن كل أحد من البشر والحجر والشجر وأكثر المرئيات كذلك لا تدركها كل الأبصار بل تدركها بعض الأبصار، فيبطل المدح له تعالى بذلك لعدم الاختصاص بذلك الوصف، وهذا أيضا واضح بلا ريب ولا شبهة.

فثبت استدلال الأصحاب بهذه الآية الكريمة على الوجه الذي لم يبق للمخالف مطمع ولا موضع للمنازعة إلا مجرد الاعتساف والارتكاب لمتن الخلاف ولله الحمد.

مخ ۲۹۲