221

کاشف امین

الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين

ژانرونه

علوم القرآن

ويظهر من كلام الشيخ محمد بن صالح رحمه الله ما مر من حكايته وهو أن المراد بذلك التخييل والاستعارة التمثيلية، وهو أفصح وأبلغ من تأويل أهل علم الكلام الذي اعتمده المؤلف عليه السلام، ألا ترى أن قوله تعالى: {إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم}، إذا جعلنا اليد بمعنى القدرة لما كانت محلا لها في الشاهد يصير المعنى كذلك في هذه الآية، إذ يصير تقدير الآية إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله قدرة الله فوق قدرتهم، وينبني بعد هذا التقرير من المجازات التي لا حاجة لارتكابها من أن الفوقية إنما تستعمل في المعاني تجوزا، والقدرة في حقه تعالى مجاز عن كونه تعالى قادرا، والقدرة في حقهم مجاز عن الأيدي المصافح بها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، هذا إن جعلنا التقدير قدرة الله فوق قدرتهم، وإن جعلناه قدرة الله فوق أيديهم فالمعنى أرك والمسلك أضنك بخلاف ما إذا أبقينا اليد على وضعها اللغوي وهي الجارحة وجعلناها في حقه تخييلا في ذهن المخاطب والسامع وقصدنا بذلك التخييل المشاكلة للأيدي الحقيقة المصافحة للرسول صلى الله عليه وآله وسلم حال المبايعة له، وأردنا ترشيح الاستعارة التخييلية بإثبات الفوق على أصل وضعه اللغوي بالتخييل كان ذلك أبلغ من الوجه الأول في إثبات الحجة وتأكد اللزوم بوفاء تلك البيعة وأفصح في الكلام وأثبت موقعا في النفس وأقرب في التجور وأسرع إلى فهم كيفيته وأدخل في النفس قبولا له ولجريه وصلاحيته في كثير من المواضع التي لا يراد بها ظاهرها بخلاف الوجه الأول، فإنه قد يكون بعض المواضع غير صالح ولا مستقيم ولانحصار وجوه العلاقة وتعذر بعضها في بعض المحلات أو لكونها علاقة بعيدة فلا تستعمل بخلاف التخييل فلا انحصار له ولا يتعذر في أي موضع.

ولا يقال: إن بهذا الكلام قد أبطلنا تأويل المتكلمين ورددناه بأصله.

مخ ۲۴۸