کاشف امین
الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين
ژانرونه
فقد ذكر دليله بقوله [ لأنه لو كان لوجوده أول لكان محدثا ] لأن ذلك حقيقة المحدث وهو الموجود الذي لوجوده أول، وإن شئت قلت: هو الموجود بعد العدم، وإن شئت قلت هو الموجود بفعل فاعل، وإن شئت قلت هو الموجود مع الجواز، وإنما قلنا: لأنه لو كان لوجوده أول لكان محدثا، للعلم الضروري من أن الموجود إما أن يكون لوجوده أول أم لا، الأول المحدث والثاني القديم، ولا يصح أن يكون لوجوده تعالى أول، إذ يكون بذلك محدثا [ ولو كان ] تعالى [ محدثا لاحتاج إلى محدث، ] للعلم الضروري أيضا أن المحدث لا بد له من محدث، وهذا المحدث الذي لزم من فرض كونه تعالى محدثا ننقل الكلام في شأنه بأن نقول: لا يخلو إما أن يكون محدثا فيحتاج إلى محدث، ثم كذلك [ فيؤدي إلى ] فرض [ ما لا يتناهى، ] ولا ينحصر من المحدثين [ وذلك محال، ] لأنه يؤدي إلى أن لا يوجد العالم حتى يوجد ما لا ينحصر من المحدثين في جهة القبلية وهو محال، لأنا إذا فرضنا إلى ألف محدث وأولهم محدثا توقف وجود هذا الألف على ألف قبله، ثم كذلك ما لم تقطع جهة التسلسل بفرض أحدهم قديما، فإن فرضناه انقطع التسلسل وصح الحكم بوجود العالم، لكن إن فرضنا ذلك لأول محدث وهو محدث العالم كان ذلك القول صحيحا لا يرد عليه اعتراض أصلا فيجب الاقتصار عليه من أول وهلة، وإن فرضناه فيما بعده من سائر المحدثين صار إثبات الوسائط عبثا قبيحا وفتحا لباب الجهالة وإثبات مالا طريق إليه فيعلم كونه باطلا، وإن لم تقطع جهة التسلسل وبقيت مفتوحة لزم الحكم على العالم بالعدم حتى ينتهي التسلسل والمفروض عدم تناهيه، فيؤدي الحكم عليه بعدم الوجود وقد علمنا وجوده فنحكم عليه بالعدم في حال الوجود، وذلك جمع بين النقيضين وهو مستحيل فما أدى إليه فهو مستحيل، فلا يصح القول بحدوثه تعالى لما يؤدي إليه من المحال فيجب الحكم والقضاء البات أنه تعالى قديم لا أول لوجوده، وهذا واضح، فثبت أن الله تعالى قديم لا أول لوجوده، وبقي الكلام فيما يتصل بهذه المسألة من الفروع والأبحاث.
الأول: أنه لا يأتي في هذه المسألة من الاختلاف ما أتى فيما قبلها بين البهاشمة وبين أبي الحسين ومحمود وجمهور أئمتنا عليهم السلام هل هذه الصفة أمر زائد على ذات الموصوف بها أم لا، ولا بينهم وبين المجبرة أن القدم ليس معنى زائدا على ذاته، بل اتفق الجميع على أن القدم ليس صفة ولا معنى زائدا على كونه موجودا لا أول لوجوده، لأن مرجع ذلك إلى السلب، وهو أنه غير محدث، والسوالب كلها لا يفتقر المتصف بها إلى صفة وجودية ولا إلى معنى يصحح له ذلك، وكذلك كونه تعالى باقيا بما لا انتهاء له فإن ذلك راجع إلى السلب وهو نفي انتهاء وجوده، إلا أن القرشي رحمه الله روى عن الأشعرية والكلابية: أن الباقي باق ببقاء زائد على ذاته. وكذلك قال الكعبي: شاهدا فقط.
شبهتهم: أن الذات تكون ذاتا وإن تعقب عدمها فبقاؤها إذا لم تعدم معنى زائدا على ذاتها.
قلنا: ليس في بقاء الباقي شيء يشار إليه سوى وجود ذاته مستمرة، ولو كان معنى زائدا على ذلك لأمكن طروء ضده عليه إن كان بالفاعل مع استمرار وجود الذات وقتين فصاعدا كالعلم والجهل والقدرة والعجز والسواد والبياض ونحو ذلك من المعاني المتضادة على محلاتها مع بقاء المحل، وأيضا فلو كان البقاء معنى زائدا على ذات الموجود الباقي، لصح مقارنته لأول أوقات وجود الموجود كالسواد والبياض والحركة والسكون وهو ما لا يعقل إلا في الوقت الثاني فما بعده، ولما كان فرق بين ما يبقى كالجسم والألوان ونحوها وما لا يبقى كالصوت ونحوه.
مخ ۱۷۲