52

الكشف والبيان

الكشف والبيان

پوهندوی

الإمام أبي محمد بن عاشور

خپرندوی

دار إحياء التراث العربي

د ایډیشن شمېره

الأولى ١٤٢٢

د چاپ کال

هـ - ٢٠٠٢ م

د خپرونکي ځای

بيروت - لبنان

[سورة الفاتحة (١): آية ٥] إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ رجع من الخبر الى الخطاب على التلوين. وقيل فيه إضمار، أي قولوا: إِيَّاكَ. وإيا كلمة ضمير، لكنه لا يكون إلّا في موضع النصب، والكاف في محلّ الخفض بإضافة إيا إليها، وخصّ بالإضافة إلى الضمير لأنه يضاف إلى الاسم المضمر ألا يقول الشاعر: فدعني وإيا خالد ... لأقطعن عري نياطه «١» وحكى الخليل عن العرب: إذا بلغ الرجل الستين فإياه وإياكم. ويستعمل مقدّما على الفعل مثل (إياك أعني) و(إياك أسأل)، ولا يستعمل مؤخّرا على الفعل إلّا أنّ ... «٢» .. به حين الفعل، فيقال: ما عبدت إلّا إياك ونحوها. وقال أبو ميثم سهل ابن محمد: إياك ضمير منفصل، والضمير ثلاثة أقسام: ضمير متّصل نحو الكاف والهاء والياء في قولك: أكرمك، وأكرمني. سمي بذلك لاتصاله بالفعل. وضمير منفصل نحو إياك وإياه وإياي. سمي بذلك لانفصاله عن الفعل. وضمير مستكن، كالضمير في قولك: قعد وقام. سمي بذلك لأنه استكن في الفعل ولم يستبق في اللفظ ويعمّ أن فيه ضمير الفاعل لأن الفعل لا يقوم إلّا بفاعل ظاهر أو مضمر. وقال أبو زيد: إنما هما ياءان: الأولى للنسبة والثانية للنداء، تقديرها: (أي يا)، فأدغمت وكسرت الهمزة لسكون الياء. وقال أبو عبيد: أصله (أوياك)، فقلبت الواو ياء فأدغموه، وأصله من (آوى، يؤوي، إيواء) كأن فيه معنى الانقطاع والقصد. وقرأ الفضل الرقاشي (أياك) بفتح الألف وهي لغة. وإنما لم يقل: نعبدك [لأنه] يصحّ في العبارة، وأحسن الإشارة لأنهم إذا قالوا: إياك نعبد، كان نظرهم منه إلى العبادة لا من العبادة إليه. وقوله: نَعْبُدُ أي نوحد ونخلص ونطيع ونخضع، والعبادة رياضة النفس على حمل المشاق في الطاعة. وأصلها الخضوع والانقياد والطاعة والذلة، يقال: طريق معبّد إذا كان مذللا موطوءا بالأقدام. قال طرفة: تبارى عتاقا ناجيات وأتبعت ... وظيفا وظيفا فوق مور معبّد «٣»

(١) لسان العرب: ١٤/ ٦٠. (٢) بياض في المخطوط. (٣) الصحاح: ٢/ ٨٢٠.

1 / 117