270

الكشف والبيان

الكشف والبيان

ایډیټر

الإمام أبي محمد بن عاشور

خپرندوی

دار إحياء التراث العربي

د ایډیشن شمېره

الأولى ١٤٢٢

د چاپ کال

هـ - ٢٠٠٢ م

د خپرونکي ځای

بيروت - لبنان

الرّجل منهم، وبالرّجل منّا الرّجلين منهم، وجعلوا جراحاتهم ضعفي جراحات أولئك وهم كذا يعاملونهم في الجاهلية. فرفعوا أمرهم إلى رسول الله ﷺ فأنزل الله تعالى هذه الآية، وأمرهم بالمساواة فرضوا وسلّموا.
السّدي وجماعة: نزلت هذه الآية في الدّيات وذلك إنّ أهل حزبين من العرب اقتتلوا أحدهما مسلم والآخر معاهد. فأمر الله تعالى نبيّه ﷺ أن يصلح بينهم بأن يجعل ديات النّساء من كل واحد من الفريقين قصاصا بديات النّساء من الفريق الآخر، وديات الرّجال بالرّجال، والعبيد بالعبيد، فأنزل يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ فرض وكتب عليكم في القتلى «١»
، والقصاص:
المساواة والمماثلة في النفوس والجروح والدّيات، وأصله من قصّ الأثر إذا اتّبعه فكان المفعول به يتبع ما عمل به فيعمل مثله، ثمّ بيّن فقال: الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى.
ذكر حكم الآيات
إذا تكافأ الدّمان من الأحرار المسلمين أو العبيد من المسلمين، أو الأحرار من المعاهدين أو العبيد منهم قتل من كل صنف منهم: الذكر إذا قتل منهم بالذكر، والأنثى إذا قتلت بالأنثى، والذكر والإجماع واقع إنّ الرّجل يقتل بالمرأة لأنّهما يتساويا في الحرمة والميراث وحد الزّنى والقذف وغير ذلك فلذلك يجب أن يستويا في القصاص ولا يقتل الحرّ بالعبد وعليه قيمته وإن بلغت [ثلث] لما بينهما من المفاضلة، ولا يقتل مؤمن بكافر. بدليل ما
روى الشّعبي عن أبي حجيفة قال: سألت عليّا كرم الله وجهه هل عندكم من النّبيّ ﷺ سوى القرآن؟
فقال: لا والذي فلق الحبة وبرأ النّسمة إلّا أن يعطي الله ﷿ عبدا فهما في كتابه وما في الصحيفة. قلت: وما في الصّحيفة؟
قال: العقل وفكاك الأسير، وأن لا يقتل مسلم بكافر «٢»، ولا يقتل [سيد] بعبده، ولا والد بولده «٣» .
يدلّ عليه ما
روى إن رجلا اسمه قتادة رمى ابنه بسيف فأصاب رجله فنزف فمات. فقال عمر ﵁: لولا أني سمعت رسول الله ﷺ يقول: لا يقاد والد بولده، وإلّا قدته به.
فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ أيّ ترك وله وصفح عنه من الواجب عليه وهو القصاص،
وروي عن علي ﵁ إنّه قتل ثلاثة بواحد في قتل العمد
هذا قول أكثر المفسرين قالوا: العفو أن يقبل الدّية في قتل العمد، وقال السّدي: هو أن يبقى له بقية من دية أخيه أو من أرش جراحته.

(١) راجع تفسير الطبري: ٢/ ١٤٠.
(٢) إلى هنا موجود في المصدرين.
(٣) كتاب المسند للشافعي: ١٩٠، والمصنف لعبد الرزاق: ١٠/ ١٠٠ ح ١٨٥٠.

2 / 54