كشف التغرير
للسيد العلامة المجتهد المجاهد الصابر / بدرالدين بن أمير الدين الحوثي
بسم الله الرحمن الرحيم
تقديم
عندما تفقد أي حركة سياسية كانت أو فكرية مقومات وجودها تعمد إلى محاولة سحق الآخرين؛ لتبني كيانها على أنقاضهم، لأن أفرادها يشعرون أن عظمتهم تكمن في احتقار الآخرين وتشويههم، إذ لايجدون من المقومات ما يستطيعون من خلاله أن يقدموا للناس أفكارا ورؤى تجذبهم وتعطيهم القناعة التامة. ولهذا فسلاحهم الوحيد انتقاص الآخرين وتشويههم واتهامهم بالباطل وافتراء الكذب عليهم.
وأصدق مثال على ذلك حركة الوهابيين فإنهم بنوا فكرهم على إلغاء الآخرين فلا يعتبرون لغيرهم إيمانا ولامذهبا، ويعتقدون أنهم محور الحق يدور الحق معهم حيثما داروا. وهذه الحركة منذ أن ظهرت في نجد عام (1136 ه) استعملت ضد مخالفيها سلاح الإشاعة والتغرير، فإذا تمكنوا من إقناع أنصارهم بكفر مخالفين حولوا الصراع الفكري إلى صراع مسلح، طمعا في إبادة كل من لايوافقهم، بل بلغ بهم الحال إلى تكفير من لم يحكم بكفر مخالفيهم.
كل ذلك يحدث تحت شعار الدعوة إلى اتباع السنة ومنهج السلف الصالح ومحاربة البدع، علما بأن أهل السنة غير راضين عنهم بل قد عانوا من إشاعاتهم وتصرفاتهم الهوجاء في تكفير المسلمين والدعوة إلى إلغاء المذاهب الإسلامية بما فيها المذاهب السنية الأربعة، وشنوا حملات شعواء على الأشاعرة الذين هم غالبية أهل السنة.
ولما تمكن الوهابيون من السيطرة على معظم الجزيرة العربية حاولوا أن يبتلعوا اليمن فسربوا دعوتهم إليه بواسطة شخصيات مقربة عند الحكام كالشوكاني الذي كان قاضي قضاة اليمن في عصره، أو شخصيات اجتماعية مرموقة كالحسن بن خالد الحازمي الذي كان من الأسرة الهاشمية التي تحظى باحترام اليمنيين، لكنهم أخفقوا حين تصدى لهم رجال العلم والفكر في اليمن.
مخ ۱
وما زال الوهابيون يترقبون الفرصة للتمكن من الانتشار في اليمن، فحين انشغل اليمنيون بحروف داخلية استطاعوا أن يسربوا أفكارهم إلى عقول بعض السذج تحت غطاء التسنن، وساعدت المطامع التي كانوا يقدمونها لأصحاب النفوس الضعيفة ممن يعتنق مذهبهم أو يؤيده على الأقل على ذلك.
وكانت أول أعمال الوهابيين في اليمن بث الفرقة في صفوف اليمنيين بتحريض القحطاني على العدناني والعكس وتشويه الشافعي عند الزيدي والعكس، وبهذا تغلغلوا في أوساط الشعب المسكين المشغول بإصلاح أموره وترتيب أوضاعه.
ولا زال علماء الزيدية والشافعية في اليمن يقفون للوهابيين بالمرصاد فيناظرونهم، ويجيبون على مؤلفاتهم، ويردون على ما يبثونه من إشاعات بواسطة أشرطة الكاسيت.
ولما كانت دعوة الوهابيين تخاطب العوام أكثر مما تخاطب العلماء والمثقفين لأنها لاتملك إلا التزييف والتغرير فهي تسعى إلى بث أشرطة الكاسيت في أوساط العوام وهي محملة بأنواع التغرير والتشويه والكذب على مخالفيهم عامة وعلى الزيدية خاصة.
وفي كل ذلك كان الوالد العلامة بدر الدين الحوثي لهم بالمرصاد فقد ألف كتبا ورسائل كثيرة في الرد عليهم وإبطال حججهم، وحذر من الفرقة التي ينشرها الوهابيون، ودعا إلى التقريب بين المذاهب الإسلامية.
وهذه الرسالة التي بين يديك هي عبارة عن شريط كاسيت أجاب به الوالد العلامة بدر الدين على أحد مشائخ الوهابيين، رأى بعض الأخوة أن ينقله إلى كتيب ثم قام بعرضه على المؤلف ليصححه فاستحسن أن يبقى على ما هو عليه من سهولة العبارة وبساطتها.
ثم طلب مني الوالد العلامة بدر الدين أن أقدمه للطبع لتعم فائدته، فقمت بمراجعته وتقطيع نصوصه وترقيمها حسب الطرق المتعارف عليها، كما أضفت إليه بعض التعليقات، وأدخلت عليه بعض الجوانب الفنية في شكل إخراجه، وما أضفته في الأصل لتوضيح المعنى جعلته بين معكوفين هكذا: [ ]، ثم عرضته أخيرا عليه فأقره.
مخ ۲
وأخيرا أسأل الله تعالى أن ينفع به المسلمين، ويجمع شملهم إنه على ما يشاء قدير.
صعدة محمد يحيى سالم عزان
]كشف التغرير [
بسم الله الرحمن الرحيم(1)
الحمدلله وصلى الله على محمد وآله وسلم، وبعد.
فإنه وصل شريط [كاسيت] من تسجيل مقبل فيه تغرير كثير على العامة بشأن الزيدية، فلزم الجواب عنه لكشف التغرير، فنقول وبالله التوفيق:
- جاء في كلام مقبل الذي هو مسجل في شريط قال: المذهب الزيدي
مبني على الهيام.
(والجواب: أنه قال هذه الكلمة وهو مسؤول عنها يوم القيامة،)
لأنه يغرر بها على العامة، وهي من الباطل كما يعرفه العلماء العارفون بكتب الزيدية وأدلتهم على مذهبهم، وهذه كتبهم موجودة في بلادهم، وأدلتهم مذكورة فيها.
فكتبهم في الأصول تذكر فيها أدلتهم على العقائد، وذلك في (الأساس)(2)، و(حقائق المعرفة)(3) و(مجموع الإمام الهادي)(4) عليه السلام، و(مجموع الإمام القاسم)(5) عليه السلام وغيرها.
مخ ۳
وكتبهم في الفقه تذكر فيها أدلتهم في الفقه، وذلك في (أحكام الإمام الهادي) عليه السلام و(المنتخب)(1) و(شرح التجريد)(2) و(الاعتصام)(3) و(الصحيح المختار)(4) وغيرها، وهذه الكتب موجودة يمكن المنصف أن يطلع عليها ويعرف أنهم بنوا مذهبهم على أدلة ثابتة لا على الهيام.
فإن أراد مقبل أن الأدلة غير صحيحة عنده فقد غرر ودلس، لأنه لا يشترط في صحة الأدلة أن يعترف مقبل بصحتها، وقد أوهم أنه ليس لهم أدلة يعتمدونها لا صحيحة عندهم ولاعنده، والله المستعان.
فقوله: المذهب الزيدي مبني على الهيام، هذا القول من مقبل تغرير وتلبيس، والبحث والإنصاف يكشف الحقيقة.
******
* قال مقبل في الشريط: أهل السنة يحبون أهل البيت حبا شرعيا.
والجواب: أنه أراد بأهل السنة شيعة معاوية فهذه الدعوى منه
لادليل عليها، وإن أظهر الله الحق في كتبهم فأوردوا فيها بعض فضائل أهل البيت، فليس ذلك دليلا على أنهم يحبون أهل البيت حبا شرعيا، وقد عارض ذلك حبهم لأعداء أهل البيت، وتعظيمهم لأعداء أهل البيت، هذا بالنسبة إلى أكثرهم.
مخ ۴
ثم نقول له: ما هو الحب الشرعي؟ أهو الإعراض عن أهل البيت وتضعيف رواياتهم في الحديث، وتسميتهم روافض وغلاة ومبتدعين، وتضعيف الكثير مما يروى من فضائلهم، وتضعيف الرواة منهم وعنهم، وترك التعلم منهم، واعتبارهم أهل بدعة؟! أم ماهو الحب الشرعي؟ فإن قال: بل الحب الشرعي حب من كان متبعا لأهل السنة بزعمه وترك المبتدعين، قلنا: فقد جعلت مذهبك هو الحاكم على المذاهب، ولاينجو إلا من وافقك في مذهبك، وعندك يجب على أهل البيت أن يكونوا على مذهبك، وإذا خالفوك فهم عندك أهل بدعة وضلال، ولايجب اتباعهم لأن حبهم غير شرعي، ولابد لك من حجة على هذه الدعوى وإلا فهي عاطلة باطلة، فهل جاء من الله أمر باتباعكم جملة؟ فبينه ولاتجد إلا دعوى مثل غيرك من الفرق المخالفة لأهل البيت التي تدعي أنها على الحق فتوجب على الناس اتباعها لأنها بزعمها هي التي على الحق، وإن أردت أنه قد تقرر في مذاهبكم على التفصيل في كل مسألة أنكم على الحق، فهذه دعوى لادليل عليها، لأنكم بنيتم مذهبكم في العقائد على إهمال العقول ومحكم القرآن، وتقديم العمل بالمتشابه والروايات المكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وجعل رواتكم أهل الصدق، ورواة المخالفين لكم جعلتموهم كذابين أو ضعفاء، وهذه منكم دعوى بلا دليل، ولايقبل قولكم في المخالفين لكم، لأنكم خصومهم تجرون لأنفسكم، ولايقبل قول خصم في خصمه لأنه متهم فيه.
وهذا لأنه لانزاع في وجوب اتباع الكتاب والسنة، إنما النزاع في المتبع لهما من هو؟ فاتباع السنة عند أسلافكم هو الجبر والتشبيه وتجويز خلف الوعيد وغير ذلك، فإنكم تسمونه: السنة، ولذلك سمى ابن أبي عاصم كتابه (السنة) لما كان في الروايات الموافقة لمذهبكم، وكذا في سنن أبي داود كتاب السنة، وهو الكتاب المشتمل على مذاهبكم المذكورة.
مخ ۵
فلا يجب عندك حب أهل العدل والتوحيد من أهل البيت عليهم السلام، لأنهم عندك مخالفون للسنة، إذا فلا حب لأهل البيت عندكم لأن مذهبهم المعروف المشهور هو العدل والتوحيد وغير ذلك مما هم مخالفون لكم فيه، وقد شرطتم في حبهم أن يكونوا على مذهبكم، كأنكم قرناء الكتاب وسفينة نوح، فبطل حبهم عندكم ببطلان شرطه!
*******
* قال مقبل: لابد أن يكون لإمام المذهب كتب، وهؤلاء أهل المذهب
السائد في اليمن المنتسبون إلى زيد بن علي ليس لإمامهم كتب، لأن المجموع(1) يرويه أبو خالد.. ألخ كلامه في سند المجموع، وبقية كتب زيد بن علي المسندة إليه، قال: ليست صحيحة.
والجواب: أن كتب الإمام زيد بن علي الصحيحة لايجب أن تصح عند
مقبل ولاعند أئمته، وهي عند الزيدية صحيحة، وكلام مقبل في سند المجموع غير مسموع، لأنه مبني على أساس منهار، فهو فيه مقلد لأسلافه ومعتمد على روايات خصوم الزيدية المتهمين فيهم، لأن الذين تكلموا في أبي خالد هم المخالفون له في المذهب والعقيدة، المخالفون لما يرويه أبو خالد في المجموع، فهم يبغضونه ويتهمونه فلا سماع لقولهم فيه، لأنهم خصومه، وكذا الرواة عنهم الذين يروون عنهم الكلام في أبي خالد المذكورون في كتاب (الجرح والتعديل) وفي (الكامل) لابن عدي وغيرها، هم خصوم أبي خالد فلا تقبل رواياتهم فيه، لأجل أنهم أعداؤه عداوة مذهب، وقد تقرر أنه لايقبل قول الخصوم في خصومهم كما حققناه في (تحرير الأفكار)(2) مفصلا.
مخ ۶
وأما قوله: لابد أن يكون لإمام المذهب كتب، فهذا غير صحيح فيكفي أن يكتب عنه ويروى روايات صحيحة ولو لم يكن له كتب، وهذا حيث كان من الأولين الذين قل في عصرهم تدوين المذاهب في الكتب، فعدم الكتاب لايدل على عدم المذهب.
هذا وأما زيد بن علي فله كتب صحيحة، وروايته في (مجموعه) و(أمالي أحمد بن عيسى) و(أمالي أبي طالب) و(أمالي المرشد بالله) و(أحكام) الهادي و(الشافي) وغيرها من كتب الزيدية تبين مذهبه، والمهم في النسبة إليه بيان موافقته في العقائد، ولذلك ينتسب إليه الزيدية عموما المجتهد وغيره، لأن النسبة إليه ليس المقصود بها نسبة التقليد، بل هي نسبة التعبير عن المذهب في العدل والتوحيد والإمامة والخروج على الملوك الظلمة ونحو ذلك.
*********
* قال مقبل في أبي خالد: كذبه أحمد بن حنبل.
والجواب: لو سلمنا أن أحمد كذبه لما كان حجة؛ لأن أحمد يتشدد
على من يخالفه في المذهب، حتى كان لايروي عمن أجاب في المحنة(1) وإن كان من أهل مذهبه، فكيف بمن هو مخالف له في العقائد، وأبو خالد يخالفه فقد روى في (المجموع) أحاديث في فضل علي عليه السلام تهدم مذهب أحمد في التفضيل، ونسبتها إلى زيد وآبائه ثقيل على أحمد، فكيف لاينكرها أحمد؟ وكيف لايبغض أبا خالد وهو يخالفه في العقيدة؟ فهو متهم في أبي خالد لو صح أنه كذبه، ولأن أحمد بن حنبل ينكر تلك الروايات المخالفة لعقيدته ويعتقد بطلانها وبذلك يعتبر راويها كاذبا، وهو ظن لاحجة فيه ولايقلد في قوله المبني على ظنه، مع أن السند إلى أحمد غير صحيح، لأنه من طريق من هو من أعداء أبي خالد المتهمين فيه لعداوة المذهب.
مخ ۷
* وقال مقبل في أبي خالد ما حاصله: إن وكيعا قال: إنه يضع
الحديث.
### | ### | والجواب: إن هذا غير صحيح عن وكيع،
والراجح أن أعداء أبي خالد اختلقوه على وكيع اختلاقا، ثم صاروا يتلقونه بألسنتهم حرصا على جرح أبي خالد، لاعتمادهم على رواية من طريق من هو مجهول، ومن هو متردد بين مجهول ومختلف فيه، لأنهم لايتحرجون عن قبول مثل هذا وإن لم يصح، وذلك لعداوتهم لأبي خالد وشدة حرصهم على جرحه، حماية لمذهبهم في التفضيل، ولظنهم أن جرحه مصلحة دينية من حيث أنه حماية لمذهبهم.
******
* قال مقبل في إبراهيم بن الزبرقان(1): إنه ضعف.
والجواب: إن المضعف له من خصومه فلا يسمع فيه.
* قال مقبل: يرويه عنه نصر بن مزاحم(2) وكان زائغا عن الحق،
وكذب أيضا.
والجواب: إن هذه عبارة الجوزجاني الناصبي فقال في نصر: (( كان زائغا عن الحق ))(3) يعني أنه ليس على مذهب الجوزجاني الناصبي، لأن الجوزجاني يدعي أن مذهبه هو الحق، وأن المخالف له زائغ عن الحق، ولكن الدعوى فاسدة، والزائغ عن الحق هو الجوزجاني ومن اتخذه إماما في الجرح وهو يعلم أنه ناصبي مبغض لأمير المؤمنين علي عليه السلام، فويل لأتباعه يوم يدعى كل أناس بإمامهم.
مخ ۸
وأما تكذيب نصر فهو لأجل روايته ما يسوء شيعة معاوية وعمرو بن العاص، ولايضر نصرا تكذيبهم فقد كذب رسل جاؤوا بالبينات والزبر والكتاب المنير، وسيعلمون غدا من الكذاب الأشر.
*****
* قال مقبل: فعرفنا من هذا أن (المجموع) لاتثبت نسبته إلى زيد
بن علي عليه السلام يعني من جرح أبي خالد ونصر وتضعيف إبراهيم .
### | والجواب: أنه لاسماع لذلك لأنه من أعدائهم
المحاربين لهم في المذهب، المحاربين (لمجموع الإمام زيد بن علي) لما فيه من الحديث في الإمام علي عليه السلام المخالف لمذهبهم، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( أنت أخي ووزيري وخير من أخلفه بعدي بحبك يعرف المؤمنون وببغضك يعرف المنافقون، من أحبك من أمتي فقد برئ من النفاق، ومن أبغضك لقي الله عز وجل منافقا ))(1).
وغير هذا الحديث مما يعرفه من قرأ المجموع، فهو يسبب الحرص عند المخالفين على نفي صحته، وعلى دعوى بطلانه، وعلى بغض أبي خالد، فلا يقبل جرحهم فيه ولافي الراوي عنه إبراهيم، ولا في نصر بن مزاحم.
وقد روى الإمام زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي عليه السلام قال: (( لاتجوز شهادة متهم ولاظنين ولامحدود في قذف ولامجرب في كذب ولا جار إلى نفسه نفعا ولادافع عنها ضررا ))(2) انتهى.
وهؤلاء المتكلمون في أبي خالد متهمون لحرصهم على حماية مذهبهم.
******
* قال مقبل في (نهج البلاغة): إنه لايصح من أجل قدح الذهبي في مؤلفه.
والجواب: أن الذهبي لا يصدق في هذا، لأن الرضي شيعي يبغضه الذهبي، ولأن في (نهج البلاغة) ما ينكره الذهبي ويخالف مذهبه، فهو حريص على إبطاله لأنه يروى عن أمير المؤمنين علي عليه السلام وذلك ثقيل على الذهبي جدا، فهو متهم فيه، لأنه عنده منكر لمخالفته عقيدته، فلا يقبل منه رده لنهج البلاغة ولاتضعيفه للرضي.
مخ ۹
وكذا المقبلي(1)، فالسبب واحد، وهما خصمان للرضي وليسا حجة عليه ولا على غيره من الشيعة، وكيف يكون الذهبي والمقبلي حجة وهما إنما اعتمدا على ظن السوء؟ فاتباعهما تقليد لهما فيما عمدتهما فيه سوء الظن، الذي أساسه اختلاف المذهب ومخالفة الرضي لاعتقادهما.
******
* قال مقبل: ليس مذهب زيد إثبات وصية أمير المؤمنين عليه
السلام، واستند في إنكاره هذا إلى دعواه أن زيدا عليه السلام قال لمن أراد منه أن يتبرأ من أبي بكر وعمر: اذهبوا فأنتم الرافضة.
والجواب: أن هذه الدعوى تدليس من مقبل وتغرير وتلبيس، يوهم
بها أن زيدا سماهم رافضة لأجل أنهم أرادوا أن يتبرأ من أبي بكر وعمر، هذا تغرير وهذا تدليس سلك فيه مقبل طريقة أهل التغرير والخداع من أسلافه، وعدل عن طريقة أهل العلم، لأنه يعرف أن الرواية: أن بعض الشيعة رفضوا زيدا فسماهم الرافضة لأنهم رفضوه، أطبقت على هذا الروايات، وإن اختلفت في ذكر سبب رفضهم لزيد بن علي.
قال الهادي عليه السلام في (كتاب معرفة الله ص 220 من المجموعة الفاخرة): (( وإنما فرق بين زيد وجعفر قوم كانوا بايعوا زيد بن علي فلما بلغهم أن سلطان الكوفة يطلب من بايع زيدا ويعاقبهم خافوا على أنفسهم فخرجوا من بيعة زيد ورفضوه مخافة هذا السلطان إلى أن قال الهادي عليه السلام فلما أن كان فعلهم على ما ذكرنا سماهم حينئذ زيد: روافض )).
مخ ۱۰
وقال النووي في (شرح مسلم 1/103): (( وسموا رافضة من الرفض، وهو الترك، قال الأصمعي وغيره: سموا رافضة لأنهم رفضوا زيد بن علي فتركوه )). انتهى. ذكره النووي ذكر المسلم به، لأنه أورده لتفسير الرافضة وهذا هو المشهور في الروايات.
أما ما روي أنه [أي زيد بن علي] قال في أبي بكر وعمر: كانا وزيري جدي. فلم تصح الرواية فيه إذ ليس لها سند صحيح، وإنما أعجبت بعض المخالفين فقبلوها وإن لم تصح، كما أن مقبلا لما أعجبته رواية الهادي عليه السلام في الرافضة وفيها: (( فاقتلهم قتلهم الله فإنهم مشركون )) قبلها مقبل واحتج بها في شريط سابق، مع أنه يدعي أنه لايقبل حديث الشيعة، ومع أن الذهبي في الميزان اعتبر الحديث في الرافضة ضعيفا، وضعف بروايته تليدا(1)، وقال بعد أن أورد الحديث من رواية داود بن أبي عوف: (( فهذا آفة تليد )). فخالف مقبل إمامه الذهبي، وقبل الحديث لما وافق هواه.
وأما (كتاب القراءات) المنسوب لزيد بن علي فليس عند الزيدية معتمدا، ولا هو من كتبهم التي توارثوها، فلا معنى لإطالة مقبل في أبي حيان الذي ليس من الزيدية، ولا كلامه في كتابه الذي ليس من كتب الزيدية، لأنا لاندعي صحته.
******
* قال مقبل في الزيدية: ليسوا أتباع زيد ولا أتباع علي بن أبي
طالب، ولكنهم أتباع أبي الجارود(2).
والجواب: إن هذا تغرير وتلبيس، فأبو الجارود ليس إمام مذهب،
وقد قال مقبل: إن إمام المذهب لابد أن يكون له كتب، فأين توجد كتب لأبي الجارود في بلاد الزيدية؟!.
مخ ۱۱
* قال مقبل : إن بعض الزيدية يقولون نحن جارودية.
### | والجواب: هذا تغرير منه وتلبيس، لأنه يعلم أنهم
إنما أرادوا أنهم على مذهبه في المشائخ الثلاثة فقط، وليس المراد أنهم مقلدون له، إنما المراد أن مذهبهم مذهبه المعروف أي اتفاق المذهب فقط فكيف يغرر ويدعي أنه إمام المذهب الزيدي؟!
وخصوصا والزيدية مختلفون في الثلاثة، ليسوا كلهم جارودية، فكيف جعلهم كلهم جارودية؟ وجعل أبا الجارود إمام مذهبهم جملة؟
فأما قوله: ليسوا أتباع زيد ولاعلي فقد رماهم بأعظم من هذا تصريحا، فقال بأنهم ليسوا على سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، بل رمى الجمهور منهم في اليمن بالشرك، حيث قال: من الذي جعل أهل ذيبين ينادون أبا طير، وأهل يفرس ينادون ابن علوان، وأهل ذمار ينادون يحيى بن حمزة، وأهل صعدة ينادون الهادي. انتهى. ذكره في كتابه الذي سماه رياض الجنة ( ص 86 الطبعة الأولى)، هذا كلامه فيهم وغيره مما قاله فيهم في كتبه وأشرطته، حتى قال في شريط سابق: إن له كتابا يدعو فيه إلى إخراجهم من اليمن، أظن اسمه: (إيقاظ الفطن لإخراج الروافض من اليمن) وهو حقيق أن يسمى: (إيقاظ الفتن) لأنهم لو حاولوا العمل به لأيقظوا الفتنة، وهو يدعي أنهم الرافضة.
فأما إبطال كلامه فيهم فهو يتبين من قراءة كتبهم ومعرفة أدلتهم كما ذكرناه سابقا، ففيها ما يبين أنهم أهل القرآن والسنة وأنهم هم شيعة علي عليه السلام الموالون له المتبعون له، وأن مذهبهم مذهب زيد بن علي في العدل والتوحيد والإمامة والخروج على الملوك المفسدين في الأرض وغير ذلك من المسائل العلمية.
******
* قال مقبل: أتدرون ما معنى جارودية؟ معناها أنهم يرون سب أبي
بكر وعمر وسب الصحابة!!
الجواب: قوله وسب الصحابة كلام كذب، لأن معناه سب الصحابة جملة فهو كذب على الجارودية وعلى أبي الجارود ولا أساس له من الصحة.
مخ ۱۲
وأما قوله: سب أبي بكر وعمر، فقد كتبت رسالة في الفرق بين السب وقول الحق لغرض صحيح لا لمجرد الذم، فليطالعها من أراد التحقيق، وقد قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين}(1). وهذه الآية قد دخل فيها أمر الصحابة قبل غيرهم، وتناول الأمر فيها الصحابة والتابعين ومن بعدهم، فليس لأحد أن يدعو إلى كتمان الحق في شخص منهم بدعوى أنه إذا قال الحق فقد سب الصحابة، أو روى حديثا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيه إثبات إمامة أمير المؤمنين عليه السلام فقد سب الصحابة بزعم شيعة معاوية، والله تعالى يقول: {إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون}(2).
وفي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( من كتم علما مما ينتفع به ألجمه الله بلجام من نار ))، فقول مقبل في الجارودية: يرون سب أبي بكر وعمر. قول غير مسلم.
*****
* قال مقبل عند ذكر الجارودية: تسرب البلاء إلينا من إيران.
الجواب: هذه دعوى بلا حجة، وقد نسب القول بوصاية أمير المؤمنين إلى ابن السوداء وأنه أحدثه في زمان عثمان، ذكر ذلك مقبل في كتابه المسمى (رياض الجنة)، وذكر في حاشيته أنه يهودي من صنعاء، وهذه دعوى لاصحة لها أيضا.
مخ ۱۳
والتحقيق أن الخلاف وقع في أبي بكر وعمر بسبب أنهم لما اثبتوا إمامة أمير المؤمنين علي عليه السلام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اختلفوا فيمن تقدمه، فمن العلماء الزيدية من توقف فيهم وقد حكم بأنهم أخطأوا، ومنهم من قطع بإثمهم. ومن المتأخرين من يتأول لهم، وذلك كله لاختلافهم في الدليل على إمامة أمير المؤمنين أهو نص جلي لايعذر المخالف له لوضوحه، أم هو ظاهر يحتاج إلى نظر وتأمل؟ فلا يقطع بإثم المخالف له إذا لم يعلم معناه، ولكن هل يعذر في التقصير في النظر أو لايعذر، ومنهم من تأول لهم أنهم قد فهموا من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لكنه يرى أنهم تأولوا ذلك على أنه رأي دنيوي يجري مجرى تدبير الحروب لاحكم شرعي.
ولسنا بصدد الترجيح بين الأقوال فإن الله تعالى يقول: {تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولاتسألون عما كانوا يعملون}(1)، والمهم أن يعرف المنصف أن الزيدية أخذوا مذهبهم عن الأدلة لامن ابن السوداء ولا من إيران.
ونقول لمقبل وأضرابه كما قال نبي الله يوسف عليه السلام: {أنتم شر مكانا والله أعلم بما تصفون}(2) لما قالوا: {إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل}(3).
فنقول: معظم أئمة مقبل من إيران ولكن البلدان لادخل لها في تصحيح مذهب ولا في إفساده وإنما العمدة الدليل، فلينظر المنصف كتب الزيدية وأدلتهم فيها ليعرف أنهم اعتمدوا الأدلة لا ابن السوداء ولا إيران ولا أبا الجارود.
مخ ۱۴
وقلنا: معظم أئمة مقبل من إيران، لأن إمامه ابن المبارك من إيران(1)، والبخاري من إيران(2)، كما هو مذكور في ترجمة الدارمي في أول سننه أنه من أهل خراسان وخراسان من إيران(3)، ومسلم من إيران من نيسابور(4)، والنسائي من إيران(5)، وابن ماجة من إيران(6)، ويحيى بن معين من إيران(7)، وأبو حاتم الرازي من إيران(8)، وابن عدي من إيران(9)، وابن خزيمة من إيران(10)، وأبو زرعة من إيران(11) ، والدارمي من إيران(1)، وأحمد بن حنبل أصله من مرو من إيران(2)، وغيرهم من أسلاف مقبل من إيران.
فلو قلنا: إن الغلو في أبي بكر وعمر وعثمان وسائر مذاهبكم المخالفة لآل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جاءت من بلاد الأعاجم من إيران وأفغانستان والإتحاد السوفيتي(3)، لما أبعدنا بل كانت دعوانا هذه أقرب من دعواكم على ذرية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذين توارثوا الدين خلف عن سلف، لم ينقطع من عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى اليوم، فكيف ينسب إليهم العدول عن مذهب أسلافهم، والمرء قد يتبع أسلافه حمية وتعصبا ولو كانوا على باطل، فأما أن يدع مذهب أسلافه وهو الحق والمفخر في الدنيا والآخرة ويستورد مذهبا خلافه فدعوى ذلك دعاية تمجها الأسماع، وتنفر منها الطباع عند أهل الإنصاف والذوق السليم.
فكيف ادعيت يا مقبل أن الهادي عليه السلام على بدعة وهو من كبار علماء العترة، وأبوه وأعمامه وجده وأخو جده محمد بن إبراهيم القائم بمصر وأبوه إبراهيم بن إسماعيل وأبوه وجده من كبار أهل البيت، والحسن بن الحسن والحسن السبط لم تتخللهم أسرة جهل وانقطاع، بل ما زالوا بيت العلم والدين من زمان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكما قال المنصور بالله عليه السلام:
مخ ۱۶
والله ما بيني وبين محمد ... إلا امرؤ هاد نماه هادي وقد أورد الهادي عليه السلام أدلته على عقائده في الأصول في كتبه بما فيه كفاية لأهل الإنصاف، وهو إمام زيدية اليمن أولا، وبعده الأئمة والمجتهدون على طريقته، فكيف تقول: دخل علينا البلاء من إيران؟
******
* قال مقبل: كان اليمن ديار سنة رحل المسلمون إلى عبدالرزاق
الصنعاني.
والجواب: هذا غير صحيح بل كان اليمن مضطربا بالخلافات
المذهبية والسياسية، فأما وجود عبد الرزاق الصنعاني في اليمن فلا يدل على أن اليمن سنة، لأن عبدالرزاق يروي عن غير يمنيين، ويروي كثيرا عن معمر الوافد من البصرة إلى اليمن، ولو كان اليمن على مذهبكم لما طلبوا الهادي عليه السلام من الرس إلى اليمن ليطهر اليمن من الفتن والفساد. هذا إذا أردت بقولك: كان اليمن سنة أنه كان اليمن على مذهبكم، فأما إن أردت أنه كان فيه علماء الحديث المحبين لآل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حبا صادقا لامجرد الدعوى، الباغضين لأعداء أهل البيت فلا ننكر ذلك. وقد نسب التشيع إلى عبدالرزاق نفسه(1)، كما كان من المحدثين الشيعة: الحارث بن عبدالله وهو يماني(2)، وقبيلة همدان هي القبيلة المشهورة بالتشيع من عهد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وناصرته وناصرت الأئمة من بعده، وروي عن علي عليه السلام أنه قال في همدان:
مخ ۱۷
وناديت فيهم صيحة فأجابني ... قبائل من همدان غير لئام
إلى أن قال فيهم:
ولو كنت بوابا على باب جنة ... لقلت لهمدان ادخلوا بسلام
وقد دخلت اليمن الكتب المختلفة من أهل المذاهب من الشيعة والنواصب، ولكن الزيدية ينظرون في الأدلة ولايزيدهم الإطلاع على كتب المخالفين إلا قوة في عقيدتهم.
وقد غضب مقبل من كتب الشيعة وزعم أن فيها الكفر البواح، وهذا تبرير منه لغضبه، والحقيقة أن غضبه من كتب الإمامية وسماها إيرانية، لأنها تخالف مذهبه، وفي ميزان الذهبي وغيره من كتب أسلاف مقبل حكايات مذاهب كفرية والإثم في ذلك على قائله.
فقوله: الكفر البواح. غير مسلم وإنما هو تحامل على كتب الشيعة بسبب نصرتها للتشيع، اللهم إلا أن يكون عند مقبل كتاب لكافر من كفار إيران لانعرفه فالله أعلم، لأن إيران بلد كبير فيه ملل مختلفة فيما قيل.
*****
* قال مقبل: دخل الاعتزال في اليمن.
والجواب: ما هو الاعتزال؟ تعني العدل والتوحيد فلا معنى
لإنكاره، ولايؤدي إلى الشك في الله، وما حكيت عن أبي هاشم هو قوله وحده، وقد رد عليه علماء الزيدية وأبطلوا قوله هذا، وليس نتيجة القول بالعدل والتوحيد.
مخ ۱۸
وقد دخلت كتب المشبهة في اليمن وهي التي تؤدي إلى عبادة غير الله سبحانه وتعالى، لأجل تشبيه الله سبحانه بالمخلوقين، أم تريد بالاعتزال استعمال العقول والتمييز بها بين المحكم والمتشابه، والثابت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والمكذوب عليه، فالعقل حجة الله على بني آدم، يقول الله تعالى: {ألم أعهد إليكم يابني آدم أن لاتعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين} إلى قوله تعالى: {ولقد أضل منكم جبلا كثيرا أفلم تكونوا تعقلون}(1) أم تريد أن تغرر في محاربة الحق بمجرد الدعايات والألقاب، هذا معتزلي، أو هذا شيعي، أو هذا إيراني، أو هذا رافضي، أو هذا جهمي، تغريرا على العوام وإرجافا على من لايعرف الأدلة.
والحق إنما يعرف بالأدلة من العقل ومحكم الكتاب والسنة، لا بالإرجاف والدعايات.
*****
* قال مقبل: يقول قائل المعتزلة عن النبي صلى الله عليه وآله
وسلم: (( وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة والمعتزلة أبرها وأتقاها )).
مخ ۱۹
والجواب: أنه لايعاب مذهب من المذاهب بفعل منكر من أحد رجاله،
أو بكذبة يكذبها لأن عيب الفعل والقول على فاعله وقائله لاعلى غيره، والله تعالى يقول: {ولاتزر وازرة وزر أخرى}(1)، ولو كان المذهب يعاب بفساد بعض أهله للزم أن يعاب الإسلام صانه الله وأعزه لأن كثيرا من أهله المنتسبين إليه مفسدون، وهذا باطل لايقوله مسلم، فالتحقيق والإنصاف أنه لايعاب مذهب إلا بمخالفة الحق، لابفساد بعض رجاله، فما بال مقبل يحاول إفساد مذهب المعتزلة بكلمة أبي هاشم عن نفسه، أو برواية أحد المعتزلة لحديث: (( أبرها وأتقاها المعتزلة ))، وهو يعلم أن في أهل مذهب مقبل من روى الروايات المكذوبة المذكورة في (ميزان) الذهبي، و(كامل) ابن عدي، وغيرهما مثل ما روى الذهبي وابن عدي عن حماد بن سلمة وهو من أئمتكم فقد روى الذهبي في (الميزان) عن حماد يرويه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (( رأيت ربي جعدا أمرد عليه حلة خضراء ))(2)، وكذا أخرجه ابن عدي(3) من طريق حماد بن سلمة، وأخرج ابن عدي أيضا في ترجمة حماد بن سلمة في الكامل ونقله الذهبي في الميزان من طريق حماد بن سلمة: (( إن محمدا رأى ربه في صورة شاب أمرد من دونه ستر من لؤلؤ، قدميه أو قال رجليه في خصره ))(4)، ولفظ حكاية الذهبي: (( قدميه ورجليه في خضرة ))(5)، وكذا روى من طريق حماد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (( رأيت ربي في صورة شاب أمرد جعد ))(6)، فهذا في كتبكم وفي حديث أئمتكم الكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بما يؤدي إلى الشرك.
مخ ۲۰
وحكا الذهبي في (الميزان) في ترجمة أيوب بن عبدالسلام أن ابن حبان روى عنه أنه روى عن ابن مسعود: (( إن الله إذا غضب انتفخ على العرش حتى يثقل على حملته )) قال: رواه حماد بن سلمة(1).
فنعوذ بالله من مثل هذا الكلام، فإنه يقود إلى تشبيه الله بخلقه وعبادة غير الله، سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا، {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير}(2)، {لاتدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير}(3).
*****
* قال مقبل: يتركون الأحاديث المتواترة، مثل (حديث النزول) لأجل
الوسوسة.
والجواب: إن ترك اعتماد ما يوهم الحديث من التشبيه واعتباره
من المتشابه لابأس به، لأنه ليس ردا للحديث وإنما هو اتباع للمحكم وجعل المتشابه على معناه الصحيح ، لا على ما يتوهم منه من تشبيه الله بخلقه، لأنه جمع بين الأدلة واتباع للمحكم الذي هو أم الكتاب، أي المرجع الذي يرجع إليه ولو كان لكم أن تجعلوهم قد نبذوا الحديث وردوه ردا ورفضوه رفضا من أجل تأويله، واعتمادهم على العقل والمحكم كان لهم أن يقولوا: إنكم قد رددتم القرآن ورفضتموه لمخالفتكم قول الله تعالى: {ليس كمثله شيء}(4)، وقوله تعالى: {وهو معكم أينما كنتم}(5).
مخ ۲۱