رب العالمين، وهذا هو الباطل المحض، والاجتراء على الله وعلى كتابه وعلى رسوله ﷺ.
سبحان الله! كيف يخفي هذا على من سمعه؟ وكيف تخفى حال من وضعه هذا (١) الوضع وبدل دين الله، وأقام الشرك مقام التوحيد، والتوحيد مقام الشرك؟.
وهذا القول ينبئك عن فساد ما سوّد به (٢) القرطاس، من وسواس الخناس، الذي يوسوس (٣) في صدور الناس. وهذا (٤) الذي ادعاه هذا العراقي هو عين المحادة لله ولرسوله وللمؤمنين،
(١) في "م" و"ش": "على هذا".
(٢) أي ابن جرجيس.
(٣) في "ش": "يوسوس به..".
(٤) من هنا إلى قوله: "شاء المشرك أم أبى"ليس في النسختين: "م" و"ش"، وكتب فيهما بدلًا منه ما نصه:
"وما قاله العراقي من قلبه الحقائق يشبه ما ذكره المفسرون عن اليهود في معنى قوله تعالى: ﴿ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُون﴾ يجعلون الحلال حرامًا، والحرام حلالًا، والحق فيها باطلًا، والباطل فيها حقًا.
ومما أشبه اليهود فيه أيضًا استحلال ما حرمه الله تعالى في كتابه من دعوة غير الله والاستغاثة بمن لا يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًا، ولا موتًا ولا حياة ولا نشورًا، كما قال تعالى لنبيه ﷺ: ﴿قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَدًا، قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدا﴾ الآية.
وكان النبي لله إذا اجتهد في اليمين قال: "والذي نفسي بيده"، وهو أكمل الخلق- صلوات الله وسلامه عليه- عبودية لربه وتذللًا وخضوعًا له، يحب ما يحبه الله ويكره ما يكره مولاه.
وقد أرشد ابن عمه عبد الله بن عباس-﵄ –إلى أن يقصر سؤاله على الله تعالى فقال: "وإذا سألت فسأل الله"؛ وذلك لكونه من أفضل العبادات التي لا يجوز صرفها لغير الله، وما قال ﷺ يومًا لأحد: إسألني أو استغث بي بل قال: "إنه لا يستغاث بي، وإنما يستغاث بالله".