ونحو ذلك، فإن مضرتها أكثر من منفعتها، حتى في نفس ذلك المطلوب، فإن هذه الأمور لا يطلب بها غالبً إلا أمورًا دنيوية فقلَّ أن حصل لأحد بسببها أمر دنيوي إلا كانت عاقبته فيه في الدنيا عاقبة خبيثة، دع الآخرة، ثم إن فيها من النكد والضرر ما الله به عليم فهي نفسها مضرة؛ ولا يكاد يحصل الغرض بها إلا نادرًا، وإذا حصل فضرره أكثر من منفعته.
والأسباب المشروعة في حصول هذه المطالب المباحة [أو] (١) المستحبة (٢)، سواء كانت طبيعية كالتجارة والحراثة، أو كانت دينية كالتوكل على الله والثقة به، وكدعاء الله سبحانه على الوجه المشروع في الأمكنة والأزمنة التي فضلها الله ورسوله بالكلمات المأثورة عن إمام المتقين ﷺ، والصدقة وفعل المعروف –يحصل بها (٣) الخير أو الغائب، وهذا الأمر كما أنه قد دل عليه الكتاب والسنة والإجماع، فهو أيضًا معقول بالتجارب المشهورة والأقيسة الصحيحة.
فإن الصلاة والزكاة يحصل بهما خير الدنيا والآخرة، ويجلبان كل خير ويدفعان كل شر إذا ثبت ذلك: فليس علينا من سبب التأثير (٤) أحيانًا فإن الأسباب التي يخلق الله بها الحوادث في الأرض والسماء، لا يحصيها على الحقيقة إلا هو، أما أعيانها فبلا ريب، وكذلك أنواعها أيضًا لا يضبطها المخلوق؛ لسعة ملكوت الله ﷾؛ ولهذا كانت طريقة الأنبياء ﵈ أنهم يأمرون الخلق بما فيه صلاحهم، وينهونهم عما فيه