[مقدمة المؤلف]

بسم الله الرحمن الرحيم

الله أحمد على سوابغ نعمائه وآلائه وإكرامه وتتابع فضله ودوامه، وأشكره على حالتي عفوه وانتقامه، وأصلي على النبي المبعوث لتبليغ أحكامه، وعلى الوصي المنصوب لتكميل ديننا وتتميم أنعامه: محمد وعلي سيدي عربة وأعجامه، وعلى الأئمة المعصومين أعمدة الدين وقوامه.

وبعد يقول الفقير إلى ربه الغني مفلح بن حسن الصيمري: إن كتاب «الموجز الحاوي لتحرير الفتاوي» من تصانيف شيخنا الأعظم وإمامنا الأعلم أبي العباس أحمد بن فهد الحلي (قدس نفسه الزكية) وأفاض على تربته المراحم الربانية- قد بلغ في الإيجاز إلى حد الألغاز، وحاز في البلاغة مرتبة الإعجاز، فلا يبلغ الناظر فيه مآربه، لعظم إيجازه، ولا يدرك الطالب مطالبه، لخفاء ألغازه، وهو مع شدة الالتباس متداول بين الناس، فأحببت أن أعمل له شرحا كاشفا لما وري من دقائقه، مظهرا لما خفي من حقائقه، موضحا لما أبهم من ضمائره، معربا لما استعجم عن سرائره، لتعظم فائدته وتعم منفعته، راجيا من الله جزيل الثواب وانتفاع الطلاب.

وسميته «كشف الالتباس عن موجز أبي العباس» وأسأل الله الهداية إلى الصواب، إنه الكريم الوهاب.

مخ ۳

[شرح مقدمة الماتن]

| [شرح مقدمة الماتن]

|| [شرح مقدمة الماتن]

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيد المرسلين محمد وآله الطيبين.

وبعد، فقد استخرت الله سبحانه، وعملت هذا المختصر، وسميته «الموجز الحاوي لتحرير الفتاوي» (1)

قوله (رحمه الله): (وبعد، فقد استخرت الله تعالى، وعملت هذا المختصر وسميته: الموجز الحاوي لتحرير الفتاوي).

(1) أقول: هذا الكلام مشتمل على مباحث شريفة ودقائق لطيفة:

الأول: قوله: (وبعد) وهي كلمة تسمى «فصل الخطاب» يؤتى بها إذا أريد الانتقال من كلام إلى كلام، فلما ذكر الله وأثنى عليه، وذكر النبي فصلى عليه، فصل بين هذا التحميد والصلاة وبين ما هو بصدده بقوله: (وبعد).

قيل: أول من تكلم بها داود (1)(عليه السلام)، لقوله تعالى- ممتنا عليه-:

مخ ۵

..........

@QUR@06 وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب (1) وفصل الخطاب الذي أوتيه داود (عليه السلام)، هو: البينة على المدعي واليمين على من أنكر.

وإنما سمي ذلك فصل الخطاب، لأن خطاب الخصوم لا ينفصل ولا ينقطع إلا بهما.

وقيل: سبب الامتنان على داود (عليه السلام) بهذه الكلمة واختصاصه بها أنهم كانوا قبله وفي أول زمانه يتحاكمون إلى سلسلة في بيت المقدس، ويقص كل من المدعي والمدعى عليه الدعوى، ثم حينئذ يتناول كل واحد منهما السلسلة، فمن أصابها كان محقا، ومن لم ينلها كان مبطلا، فاتفق أن رجلا أودع آخر جوهرا، فجحده، فقال المدعي: بيني وبينك السلسلة، وقد كان المدعى عليه قد هيأ عكازا مجوفا وجعل الجوهر في جوفه، فلما وصلى إلى السلسلة قص المدعي دعواه، ثم مد يده ليتناول السلسلة، فأصابها، ثم قال للمدعى عليه: تقدم، فقال للمدعي: الزم هذه العكازة، فدفعها إليه، ثم تقدم إلى السلسلة وقال: اللهم إن كنت تعلم أن الوديعة التي أودعني إياها هذا هي الآن عنده وليست الآن عندي فصدقني، ثم مد يده فتناول السلسلة، فضج عند ذلك بنو إسرائيل وقالوا: هذا أمر عظيم [1]، إن الحق لا يكون إلا في طرف واحد، فرفع الله السلسلة، وأوحى إلى نبيه داود (عليه السلام) أن الخلق قد خبثوا، فاحكم بينهم مع التداعي

مخ ۶

..........

بالبينة على المدعي واليمين على المنكر (1).

وقيل: أول من تكلم بهذه الكلمة قس بن ساعدة الإيادي (2)، لقوله:

إذا قيل أما بعد إني خطيبها [1]

وقيل: أول من تكلم بها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، لوجودها في خطبه (3).

الثاني: قوله: (فقد استخرت الله تعالى، وعملت هذا المختصر).

الاستخارة: طلب الخيرة من الله، ولها صور [2] مذكورة وأدعية مأثورة تأتي في كتاب الصلاة إن شاء الله تعالى.

والاختصار هو: حصر الفوائد وحذف الزوائد.

الثالث: قوله: (وسميته بالموجز).

التسمية هي: وضع الاسم على المسمى بحيث يتميز به عن غيره من جنسه.

مخ ۷

..........

وأما الإيجاز فلا يمكن تحقيق معرفته والبحث عن حقيقته إلا بمزيد بحث من علم المعاني والبيان.

ولما تصدينا لشرح كلام المصنف لزمنا البحث عن كل كلمة من كلامه والكشف عن حقيقتها من أي علم كان، ولما سمى كتابه ب«الموجز» لزمنا البحث عن حقيقة الإيجاز وتقرير معرفته من العلم الموضوع له، ولا يمكن تحقيق معرفته إلا بمعرفة ضده، وهو الإطناب، ولا يمكن تحقيق معرفتهما إلا بمعرفة معيارهما، وهو كلام الأوساط، ولا يتم ذلك إلا بإبراز أمثلة هذه الأقسام، فلذلك طال الكلام، ومع ذلك فهو لا يخلو من فوائد غريبة يلتذ [1] بها الناظر، وطرائف عجيبة ينشرح بها الخاطر، خصوصا لمن له انس بعلم الأدب، وله خوض في أشعار العرب، وله فهم باختلاف المعاني عند اختلاف التركيب والمباني، فهو يرتاح إلى هذا الكلام، ويطرب له طرب الشارب للمدام [2].

فنقول- وبالله المستعان-: القول في معرفة حقيقة هذه الأقسام الثلاثة التي هي الإيجاز والإطناب وكلام الأوساط.

وخلاصة ذلك: أن اللفظ بالنسبة إلى المعنى المقصود منه إما أن يساويه أن ينقص عنه أو يزيد عليه، ويسمون المساوي كلام الأوساط قال صاحب (المفتاح): وهو غير محمود في البلاغة (1).

مخ ۸

اصول - د اسلامي متنونو لپاره څیړنیز اوزار

اصول.اي آی د اوپنITI کورپس څخه زیات له 8,000 اسلامي متونو خدمت کوي. زموږ هدف دا دی چې په اسانۍ سره یې ولولئ، لټون وکړئ، او د کلاسیکي متونو د څیړلو کولو لپاره یې آسانه کړئ. لاندې ګډون وکړئ ترڅو میاشتني تازه معلومات په زموږ د کار په اړه ترلاسه کړئ.

© ۲۰۲۴ اصول.اي آی بنسټ. ټول حقوق خوندي دي.