بهما أحدا من أجلة المهاجرين والصحابة إلا أراك فيهما الإنصاف من تصديق قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنهما سيدا شباب أهل الجنة، وجميع من هما سادته سادة، والجنة لا تدخل إلا بالصدق والصبر، وإلا بالحلم والعلم، وإلا بالطهارة والزهد، وإلا بالعبادة والطاعة الكثيرة، والأعمال الشريفة والاجتهاد والإثرة والإخلاص في النية، فدل على أن حظهما في الأعمال المرضية والمذاهب الزكية فوق كل حظ.
وأما محمد بن الحنفية فقد أقر الصادر والوارد والحاضر والبادي أنه كان واحد دهره ورجل عصره، وكان أتم الناس تماما وكمالا.
وأما علي بن الحسين (عليه السلام) فالناس على اختلاف مذاهبهم مجمعون عليه لا يمترى أحد في تدبيره، ولا يشك أحد في تقديمه، وكان أهل الحجاز يقولون: لم نر ثلاثة في دهر يرجعون إلى أب قريب كلهم يسمى عليا، وكلهم يصلح للخلافة لتكامل خصال الخير فيهم، يعنون علي بن الحسين بن علي (عليهم السلام)، وعلي بن عبد الله بن جعفر، وعلي بن عبد الله بن العباس رضي الله عنهم، ولو عزونا لكتابنا هذا ترتيبهم لذكرنا رجال أولاد علي لصلبه، وولد الحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن عبد الله بن جعفر ومحمد بن علي بن عبد الله بن العباس، إلا أنا ذكرنا جملة من القول فيهم فاقتصرنا من الكثير على القليل.
فأما النجدة فقد علم أصحاب الأخبار وحمالوا الآثار أنهم لم يسمعوا بمثل نجدة علي بن أبي طالب (عليه السلام) وحمزة رضي الله عنه، ولا بصبر جعفر الطيار رضوان الله عليه وليس في الأرض قوم أثبت جنانا ولا أكثر مقتولا تحت ظلال السيوف، ولا أجدر أن يقاتلوا وقد فرت الأخيار وذهبت الصنائع، وخام ذو البصيرة وجاد أهل النجدة من رجالات بني هاشم، وهم كما قيل:
وخام الكمي وطاح اللواء
ولا تأكل الحرب إلا سمينا [1]
وكذلك قال دغفل [2] حين وصفهم: أنجاد أمجاد ذووا ألسنة حداد، وكذلك قال علي (عليه السلام) حين سئل عن بني هاشم وبني أمية: نحن أنجد وأمجد وأجود، وهم أنكر
مخ ۵۴