وخشوعه وتواضعه وخضوعه وكرم آبائه وجدوده وسخاؤه وجوده وصمته وبيانه وصدق لهجته ورعايته للعهد ووفاؤه بالوعد وعدم تلونه واستمرار طريقته وإنصافه في معاملته وحسن خلقه وخلقه وجده ووقاره وضياؤه وأنواره وحياؤه ولينه وثقته ويقينه وعفوه ورحمته وصفحه وقناعته وصدق توكله ومكانته من الله تعالى التي يدل عليها ما نقلته من مسند أحمد بن حنبل عن عبد الرحمن بن عوف قال: خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأتبعته حتى دخل نخلا فسجد وأطال السجود حتى خفت أو خشيت أن يكون الله عز وجل قد توفاه وقبضه، فجئت أنظر فرفع رأسه فقال: مالك يا عبد الرحمن؟ قال: فذكرت ذلك له، قال: فقال لي: إن جبرئيل (عليه السلام) قال لي ألا أبشرك أن الله عز وجل يقول لك: من صلى عليك صليت عليه، ومن سلم عليك سلمت عليه، فسجدت لله شكرا.
ومن ذلك ما نقلته من كتاب اليواقيت لأبي عمر الزاهد قال: أخبرني العطافي عن رجاله عن جعفر بن محمد (عليهما السلام) عن آبائه الطاهرين عن ابن عباس رضي الله عنهم أجمعين، قال: إذا كان يوم القيامة نادى مناد: ألا ليقم من اسمه محمد فليدخل الجنة لكرامة سميه محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، فانظر إلى شرفه الذي فاق به الأوائل والأواخر مفخرا، وتدبر معاني كماله الذي بلغ السماء وإنا لنرجو فوق ذلك مظهرا، وهذه صفات بلغ فيها النهاية التي أعجزت البشر واستولى على الأمد فيها ومن أبى فقد كفر، وتوقل من تحصيل كمالاتها إلى الذروة التي فاقت الشمس والقمر، وسبق الأوائل والأواخر إلى قنن الشرف، فنهى فيها وأمر، وشهد الله سبحانه ببلوغه هذه الكمالات فيما ضمن الآيات والسور، ولو أراد مريد أن يجمع في كل صفة من هذه الصفات كتابا مطولا أمكنه لما جمعه الله فيه من محاسنها، وخصه به من صفاياها، فأما ذكر باقي أحواله ومغازيه وتسمية أعمامه وعماته وذكر أزواجه رضي الله عنهن وذكر عبيده وخيله وسياقة سننه وغير ذلك من أحاديثه وخطبه ومواعظه فليس ذلك من غرض هذا الكتاب فلنقتصر على ما ذكرناه.
فصل [ذكر فضل بني هاشم وشرفهم]
قبل الشروع في ذكر علي وأولاده (عليهم السلام) نذكر شيئا مما يتعلق بفضل بني هاشم وشرفهم ومالهم من المزايا التي فضلوا بها الناس.
مخ ۵۱