صناعة الحرف، وثروته الجبارة في المفردات» [1].
أدبه ونثره
الإربلي أديب ناضج الأدب، يمر على القصائد والأبيات التي ينقلها في مؤلفاته الأدبية مترويا فيها ومستخرجا ما أبدع الشاعر فيها من المعاني الطريفة والنكات المستملحة الظريفة، فيقرظها مع ذكر ما فيها من محاسن الإشارات ولطائف الكنايات، وربما ينقد بعضها بما يعن له من النقد الأدبي، وهو بالإضافة إلى ذلك يشرح ما يحتاج إلى الشرح والتوضيح من غريب اللغة وما دق معناه وخفي مرماه من مقاصد الشاعر، وبذلك يوجه قارئه إلى ما صح لديه مما ربما يخفى على القارئ [2].
هذا، ولا يخفي أديبنا شديد ابتهاجه ببعض ما ينقله من الشعر الجزل الرائع، فيقول مثلا: «هذا هو الشعر الذي تطرب له النفوس فرحا ومسرة، ويلوح على وجه المعاني الرائقة غرة، وما عسى أن يقال في شيخ الصناعة وفارس البراعة» [3].
وعند النقد يصارح صاحبه بنقده، وربما خالطته شدة في القول ولحن لا يخلو من السخرية والاستهزاء، فنراه يقول في بيت سعيد بن حميد الكاتب «دموع صب سفحت في خد»، يقول: لو قال «دموع حب» لكان أنسب وأدل على المعنى، إذ ليس من المعلوم المستعمل أن يشبه الصب بالورد، ولكن هذا يحتاج إلى ذهن نقاد وخاطر وقاد، فيضع الهناء مواضع النقب، ويفرق بين ذوي العمائم وذوات النقب [4].
وفي قول ابن الحنفي «لقتل الغمض في مقلتي وهنا» يقول: ولو قال «لقتل الغمض في مقلتي وسنى» كان أجود وأكثر ملائمة، وكأنه به قد خاف من أن يصف مقلته بأنها وسناء، وليت شعري لو أنها كذلك وإلا أي شيء كان يقتل البرق في جفنه، وفي قوله «الغمض» دليل على ما فر منه [5].
ويعارض أبا هلال العسكري، فيقول: هذه الأبيات قد استحسنها أبو هلال،
مخ ۱۷