ودروس مضمونه مفرحة للكرام الكاتبين، وغروس مستودعه من مستحسنات حسنات المقربين، يعظم عند التحقيق قدر وقعه، ويعم أهل التوفيق شمول نفعه، ويتم أجر مؤلفه بجمعه، وهو لمن وقف عليه قيد بصره وسمعه، ولم أورد فيه ما يصل إليه وارد الاضطراب، ولا أودعته ما يدخل عليه زائد الارتياب، ولا ضمنه غثا تمجه أصداف الأسماع [1]، ولا غثاء تقذفه أصناف الألباب، بل مرتب له أخلاف رواية الخلف عن السلف، حتى اكتنف بزبد الأوطاب [2]، ونظمت فيه جواهر در صرحت بها ألسن السنن، ونطقت بها آيات الكتاب، وقررته بأدلة نظر محكمة الأسباب بالصواب، هامية السحاب بالمحاب، ومفتحة الأبواب للطلاب، مثمرة إن شاء الله لجامعها جميل الثناء، وجزيل الثواب، فمن ذلك قوله تعالى وتقدس: لنجعلها لكم تذكرة وتعيها أذن واعية [3].
(روى الإمام أبو إسحاق إبراهيم الثعلبي في تفسيره) يرفعه بسنده قال: لما نزلت هذه الآية وتعيها أذن واعية قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي (عليه السلام): سألت الله أن يجعلها أذنك يا علي، قال علي: فما نسيت شيئا بعد ذلك، وما كان لي أن أنسى.
وروى الثعلبي والواحدي كل واحد منهما يرفعه بسنده الثعلبي في تفسيره والواحدي في تصنيفه الموسوم ب (أسباب النزول) إلى بريدة الأسلمي قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول لعلي: إن الله أمرني أن أدنيك ولا أقصيك، وأن أعلمك وأن تعي، حق على الله أن تعي، قال: فنزلت: وتعيها أذن واعية @HAD@ .
ومن ذلك قوله تعالى: أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون [4].
رواه المذكوران في تفسيرهما أنها نزلت في علي (عليه السلام) وفي الوليد بن عقبة بن أبي معيط أخي عثمان لامه، وذلك أنه كان بينهما تنازع في شيء، فقال الوليد لعلي (عليه السلام): أسكت فإنك صبي وأنا والله أبسط منك لسانا، وأحد سنانا، وأملأ للكتيبة منك . فقال علي (عليه السلام):
اسكت فإنك فاسق، فأنزل الله سبحانه تصديقا لعلي: أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا
مخ ۱۳۳