Kashf al-Sutour fi Nahy al-Nisa' an Ziyarat al-Qubour
كشف الستور في نهي النساء عن زيارة القبور
خپرندوی
الجامعة الإسلامية
د ایډیشن شمېره
السنة ١٣ / العدد-٥٢
د چاپ کال
١٤٠١ هـ/١٩٨١م
د خپرونکي ځای
المدينة المنورة
ژانرونه
التَّحْرِيم بل مُجَرّد النَّهْي كَاف، وَلما نهاهن انتهين لطواعيتهن لله وَلِرَسُولِهِ ﷺ فاستغنين عَن الْعَزِيمَة عَلَيْهِنَّ، وَأم عَطِيَّة لم تشهد فِي ذَلِك النَّهْي وَقد دلّت أَحَادِيث لعنة الزائرات على الْعَزِيمَة فَهِيَ مثبتة للعزيمة فَيجب تَقْدِيمهَا".
قلت: وَفِي حَدِيثي عبد الله بن عَمْرو وَعلي ﵃ الْمُتَقَدّم ذكرهمَا مَا يدل على أَن نهيهن عَن اتِّبَاع الْجَنَائِز نهي تَحْرِيم لَا تَنْزِيه، وَفِي ذَلِك دَلِيل وَاضح على مَنعهنَّ من زِيَارَة الْقُبُور إِذْ الْعلَّة بَين الْحكمَيْنِ مُشْتَركَة فصح أَن الِاسْتِدْلَال بِهِ فِي جَانب الْمَنْع أولى وأَرجح والله أعلم.
وَأما حَدِيث أنس عِنْد البُخَارِيّ: "مر النَّبِي ﷺ بامرأَة تبْكي عِنْد قبر على صبي لَهَا، فَقَالَ: اتَّقِ الله واصبري" الحَدِيث؛ فَهُوَ كَذَلِك حجَّة للْمَنْع لِأَن النَّبِي ﷺ لم يقرها بل أمرهَا بتقوى الله الَّتِي هِيَ فعل مَا أَمر بِهِ وَترك مَا نهى عَنهُ وَمن جُمْلَتهَا النَّهْي عَن زِيَارَة النِّسَاء للقبور وَقَالَ لَهَا: "اصْبِرِي" وَمَعْلُوم أَن مجيئها للقبر وبكاءها منَاف للصبر، فَلَمَّا أَبَت أَن تقبل مِنْهُ لِأَنَّهَا لم تعرفه انْصَرف عَنْهَا، فَلَمَّا علمت أَنه ﷺ هُوَ الْآمِر لَهَا جَاءَتْهُ تعتذر إِلَيْهِ من مُخَالفَة أمره. فَأَي دَلِيل فِي هَذَا الحَدِيث على جَوَاز زِيَارَة النِّسَاء للقبور؟ وَمَعَ هَذَا فَلَا يعلم أَن هَذِه الْقَضِيَّة كَانَت بعد لَعنه ﷺ زائرات الْقُبُور، وَنحن نقُول إِمَّا أَن تكون دَالَّة على الْجَوَاز فَلَا دلَالَة على تأخرها عَن أَحَادِيث الْمَنْع، أَو تكون دَالَّة على الْمَنْع لأمرها بتقوى الله فَلَا دلَالَة فِيهَا على الْجَوَاز، وعَلى كلا التَّقْدِيرَيْنِ فَلَا تعَارض هَذِه الْقَضِيَّة أَحَادِيث الْمَنْع وَلَا يُمكن دَعْوَى نسخهَا بهَا وَالله أعلم.
وأَما حَدِيث بُرَيْدَة ﵁: فقد قَالَ المجيزون: إِن هَذَا الْخطاب يتَنَاوَل النِّسَاء بِعُمُومِهِ، بل هن المُرَاد بِهِ فَإِنَّهُ إِنَّمَا علم نَهْيه عَن زيارتها للنِّسَاء دون الرِّجَال وَهَذَا صَرِيح فِي النّسخ لِأَنَّهُ قد صرح فِيهِ بِتَقْدِيم النَّهْي وَلَا ريب فِي أَن الْمنْهِي عَن زِيَارَة الْقُبُور هُوَ الْمَأْذُون لَهُ فِيهَا وَالنِّسَاء قد نهين عَنْهَا فيتناولهن الْإِذْن.
وَالْجَوَاب عَن هَذَا: أَن الصِّيغَة فِي هَذَا الحَدِيث هِيَ خطاب للذكور، وَالنِّسَاء وَإِن دخلن فِيهِ تَغْلِيبًا فَهَذَا حَيْثُ لَا يكون دَلِيل صَرِيح يَقْتَضِي عدم دخولهن، وأَما حَدِيث التَّحْرِيم فَمن أظهر الْقَرَائِن على عدم دخولهن فِي خطاب الذُّكُور، وَقد كَانَ النَّبِي ﷺ فِي أول الْإِسْلَام قد نهي عَن زِيَارَة الْقُبُور صِيَانة لجَانب التَّوْحِيد وقطعًا للتعلق بالأموات وسدا لذريعة الشّرك، الَّتِي أَصْلهَا تَعْظِيم الْقُبُور وعبادتها كَمَا قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي
1 / 39