متى أمكن سقط المجاز لأن المستعار لا يزاحم الأصل وذلك مثل قولنا في الإقراء أنها الحيض لأن القرء للحيض حقيقة وللطهر مجاز من قبل أنه مأخوذ من الجمع وهو معنى حقيقة هذه العبارة لغة وذلك صفة الدم المجتمع فأما الطهر فإنما وصف به بالمجاورة مجازا ولأن معنى القرء الانتقال يقال قراء النجم إذا انتقل والانتقال بالحيض لا بالطهر فصارت الحقيقة أولى وكذلك العقد لما ينعقد حقيقته وللعزم مجاز وكذلك النكاح للجمع في لغة العرب على ما عرف الاجتماع في الوطئ ويسمى العقد به مجازا لأنه سببه حتى يسمى الوطؤ جماعا فكانت الحقيقة أولى وأمثلة هذا أكثر من أن يحصى ولهذا قال أبو حنيفة رحمه الله في الدعوى في رجل له أمة ولدت ثلاثة أولاد في بطون مختلفة فقال المولى أحد هؤلاء ولدي ثم مات قبل البيان أنه يعتق من كل واحد ثلثة ولا يعتبر ما يصيب كل واحد من قبل أمه حتى يعتق الثالث كله ونصف الثاني كما قال أبو يوسف رحمه الله لأن إصابته من قبل أمه في مقابلة إصابته من قبل نفسه بمنزلة المجاز من الحقيقة وأمثلة هذا أكثر من أن تحصى وإذا كانت الحقيقة متعذرة أو مهجورة صير إلى المجاز بالإجماع لعدم المزاحمة أما المتعذر فمثل الرجل حلف لا يأكل من هذه النخلة أو الكرمة انه يقع على ما يتخذ منه مجازا بخلاف ما إذا حلف لا يأكل من هذه الشاة أو من هذا اللبن أو من هذا الرطب فإنه يقع على عينه لأن الحقيقة قائمة وكذلك إذا حلف لا يأكل من هذا الدقيق وقع على ما يتخذ منه لأن الحقيقة متعذرة وكذلك لو حلف لا يشرب من هذا البئر لم يقع على الكرع وهو حقيقة لما قلنا واختلفوا فيما إذا أكل عين الدقيق أو تكلف فكرع من البئر فقيل لما كان متعذرا لم يكن مرادا فلا يحنث وقيل بل الحقيقة لا تسقط بحال فيحنث والأول أشبه لأن أصحابنا قالوا فيمن حلف لا ينكح فلانة وهي أجنبية أنه يقع على العقد فإن زنى بها لم يحنث فاسقطوا حقيقته واما المهجورة فمثل من حلف لا يضع قدمه في دار فلان أن الحقيقة مهجورة
مخ ۸۴