فوجب العمل بعموم نسبة السكنى وفي نسبة الملك نسبة السكنى موجودة لا محالة فيتناوله عموم المجاز واما مسألة السير ففيها رواية أخرى بعد ذلك الباب أنه لا يتناولهم ووجه الرواية الأولى أن الامان لحقن الدم فبنى على الشبهات وهذا الاسم بظاهره يتناولهم لكن بطل العمل به لتقدم الحقيقة عليه فبقى ظاهر الاسم شبهة فان قيل قد قال أبو يوسف ومحمد فيمن حلف لا يأكل من هذه الحنطة أن يحنث أن آكل من عينها أو ما يتخذ منها وفيه جمع بينهما وكذلك قالا فيمن حلف لا يشرب من الفرات أن يحنث أن كرع أو اغترف وقال أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله فيمن قال لله على أن اصوم رجب أنه إن نوى اليمين كان نذرا ويمينا وهو جمع بينهما قيل له إما أبو يوسف ومحمد رحمهما الله فقد عملا باطلاق المجاز وعمومه لان الحنطة في العادة اسم لما في باطنها ومن اكلها أو ما يتخذ منها فقد أكل ما فيها والشرب من الفرات مجاز للشرب من الماء الذي يجاور الفرات وينسب اليه وهذه النسبة لا ينقطع بالاواني لما ذكرنا في الجامع فصار ذلك عملا بعمومه لا جمعا بين الحقيقة والمجاز واما مسألة النذر فليس بجمع بل هو نذر بصيغته ويمين بموجبه وهو الايجاب لان ايجاب المباح يصلح يمينا بمنزلة تحريم المباح وصار ذلك كشرى القريب تملك بصيغته وتحرير بموجبه فهذه مثله وطريق الاستعارة عند العرب الاتصال بين الشيئين وذلك بطريقين لا ثالث لهما الاتصال بينهما صورة أو معنى لان كل موجود من الصور له صورة ومعنى لا ثالث لهما فلا يتصور الاتصال بوجه ثالث إما المعنى فمثل قولهم للبليد حمار وللشجاع أسد لاتصال ومشابهة في المعنى بينهما واما الصور فمثل تسمية المطر سماء قالوا ما زلنا نطاء السماء حتى اتيناكم أي المطر لاتصال بينهما صورة لان كل عال عند العرب سماء والمطر من السحاب ينزل وهو سماء عندهم فسمى باسمه وقول الله عز وجل
ﵟأو جاء أحد منكم من الغائطﵞ
وهو لمطمئن من الأرض يسمى الحدث بالغائظ لمجاورته صورة في العادة وقال تعالى
ﵟإني أراني أعصر خمراﵞ
أي عنبا لأتصال بينهما ذاتا لأن العنب مركب بثفله ومائه وقشره فسلكنا في الأسباب الشرعية والعلل هذين الطريقين في الاستعارة وهو الاستعارة بالاتصال في الصورة وهو السببية والتعليل لأن المشروع ليس بصورة تحس فصار الاتصال في السبب نظير الصور فيما تحس والاتصال في معنى المشروع كيف شرع اتصال هو نظير القسم الآخر من المحسوس ولا خلاف بين الفقهاء إن الاتصال بين اللفظين من قبل حكم الشرع يصلح طريقا للاستعارة فإن ليس بحكم يختص باللغة لان طريق الاستعارة القرب والاتصال وذلك ثابت بين كل موجودين من حيث وجدا والمشروع قائم بمعناه الذي شرع له وسببه الذي تعلق به فصحت به الاستعارة ولان حكم الشرع متعلقا بلفظ شرع سببا أو علة يثبت من حيث يعقل إلا واللفظ دال عليه لغة والكلام فيما يعقل ولا استعارة فيما لا يعقل ألا ترى أن البيع لتمليك العين شرعا ولذلك وضع لغة فكذلك ما شاكله وهذا في مسائل اصحابنا لا يحصى وقال الشافعي رحمه الله أن الطلاق يقع بلفظ التحرير مجازا والعتاق يقع بلفظ الطلاق مجازا ولم يمتنع أحد من ائمة السلف عن استعمال المجاز فقد انعقد نكاح النبي عليه السلام بلفظ الهبة مجازا مستعارا لا انه العقد هبة لان تمليك المال في غير المال لا يتصور وقد كان في نكاحه وجوب العدل في القسم والطلاق والعدة ولم يتوقف الملك على القبض فثبت أنه كان مستعارا ولا اختصاص للرسالة بالاستعارة ووجوه الكلام بل الناس في وجوه التكلم سواء فثبت أن هذا فصل لا خلاف فيه غير أن الشافعي رحمه الله أبي أن ينعقد النكاح إلا بلفظ النكاح أو التزويج لأنه عقد شرع لامور لا يحصى من مصالح الدين والدنيا ولهذا شرع بهذين اللفظين وليس فيهما
مخ ۷۹