لأن الخمر مال غير متقوم فصلح ثمنا من وجه دون وجه فصار فاسدا لا باطلا ولا خلل في ركن العقد ولا في محله فصار قبيحا بوصفه مشروعا بأصله وكذلك إذا اشترى خمرا بعبد لأن كل واحد منهما ثمن لصاحبه فلم ينعقد في الخمر لعدم محله وانعقد في العبد لوجود محله وفسد بفساد ثمنه بخلاف الميتة لأنها ليست بمال ولا بمتقومة فوقع البيع بلا ثمن وهو غير مشروع وكذلك جلد الميتة لأنه ليس بمال ولا متقوم وكذلك بيع الربا مشروع بأصله وهو وجود ركنه في محله غير مشروع بوصفه وهو الفضل في العوض فصار فاسدا لا باطلا وكذلك الشرط الفاسد في البيع مثل الربا ولهذا قلنا في قوله تعالى ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا أن النهي يعدم الوصف من شهادته وهو الأداء ويبقى الأصل فيصير فاسدا ومنها صوم يوم العيد وأيام التشريق حسن مشروع بأصله وهو الإمساك لله تعالى في وقته طاعة وقربة قبيح بوصفه وهو الإعراض عن الضيافة الموضوعة في هذا الوقت بالصوم فلم ينقلب الطاعة معصية بل هو طاعة انضم إليها وصف هو معصية ألا ترى أن الصوم يقوم بالوقت ولا فساد فيه والنهي يتعلق بوصفه وهو أنه يوم عيد فصار فاسدا ومعنى الفاسد ما هو غير مشروع بوصفه مثل الفاسد من الجواهر وبيانه على وجه يعقل أن الناس أضياف الله تعالى يوم العيد والمتناول من جنس الشهوات بأصله طيب بوصفه فصار تركه طاعة بأصله معصية بوصفه على مثال البيع الفاسد ولهذا صح النذر به لأنه نذر بالطاعة وإنما وصف المعصية متصل بذاته فعلا لا باسمه ذكرا ولهذا قلنا في ظاهر الرواية لا يلزم بالشروع لأن الشروع فيه متصل بالمعصية فأمر بالقطع حقا لصاحب الشرع فصار مضافا إلى صاحب الشرع فبرئ العبد عن عهدته ومنها الصلاة وقت طلوع الشمس ودلوكها مشروعة بأصلها إذ لا قبح في أركانها وشروطها والوقت صحيح بأصله
مخ ۵۵