ولا يلزم الظهار لأن كلامنا في حكم مطلوب تعلق بسبب مشروع له ليبقى سببا والحكم به مشروعا مع وقوع النهي عليه فأما ما هو حرام غير مشروع تعلق به جزاء زاجر عنه فيعتمد حرمة سببه كالقصاص ليس بحكم مطلوب بسبب مشروع بل جزاء شرع زاجر فاعتمد حرمة سببه ولنا ما احتج به محمد رحمه الله في كتاب الطلاق أن صيام العيد وأيام التشريق منهي والنهي لا يقع على ما يتكون وبيانه أن النهي يراد به عدم الفعل مضافا إلى اختيار العباد وكسبهم فيعتمد تصوره ليكون العبد مبتلي بين أن يكف عنه باختياره فيثاب عليه وبين أن يفعله باختياره فيلزمه جزاؤه والنسخ لإعدام الشيء شرعا لينعدم فعل العبد لعدم المشروع بنفسه ليصير امتناعه بناء على عدمه وفي النهي يكون عدمه بناء على امتناعه وهما في طرفي نقيض فلا يصح الجمع بحال والحكم الأصلي في النهي ما ذكرنا فأما القبح فوصف قائم بالنهي مقتضا به تحقيقا لحكمه فكان تابعا فلا يجوز تحقيقه على وجه يبطل به ما أوجبه واقتضاه فيصير المقتضى دليلا على الفساد بعد أن كان دليلا على الصحة بل يجب العمل بالأصل في موضعه والعمل بالمقتضى بقدر الإمكان وهو أن يجعل القبح وصفا للمشروع فيصير مشروعا بأصله غير مشروع بوصفه فيصير فاسدا هذا غاية تحقيق هذا الأصل فأما الشافعي رحمه الله فقد حقق المقتضى وأبطل المقتضى وهذا في غاية المناقضة والفساد فإن قيل هذا صحيح في الأفعال الحسية لأنها لا تنعدم بصفة القبح فأما الشرعية فتنعدم لما قلنا فلا بد من إقامة الدلالة على أن المشروعات يحتمل هذا الوصف قيل له قد وجدنا المشروع يحتمل الفساد بالنهي كالاحرام الفاسد والطلاق الحرام والصلاة الحرام والصوم المحظور يوم الشك وما أشبه ذلك فوجب إثباته على هذا الوجه رعاية لمنازل المشروعات ومحافظة لحدودها وعلى هذا الأصول يخرج الفروع كلها منها أن البيع بالخمر منهي بوصفه وهو الثمن
مخ ۵۳