غسل ومسح وهما لفظان خاصان لمعنى معلوم في أصل الوضع فلا يكون شرط النية في ذلك عملا به ولا بيانا له وهو بين لما وضع له بل يجب أن يلحق به على الوصف الذي ذكرنا وبطل شرط الولاء والترتيب والتسمية كما ذكرنا وصار مذهب المخالف في هذا الأصل غلطا من وجهين أحدهما أنه حط منزلة الخاص من الكتاب عن رتبته والثاني أنه رفع حكم الخبر الواحد فوق منزلته ومن ذلك قوله تعالى
ﵟفلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيرهﵞ
قال محمد والشافعي رحمهما الله قوله حتى تنكح كلمة وضعت لمعنى خاص وهو الغاية والنهاية فمن جعله محدثا حلا جديدا لم يكن ذلك عملا بهذه الكلمة ولا بيانا لأنها ظاهرة فيما وضعت له بل كان إبطالا ولكنها تكون غاية ونهاية والغاية والنهاية بمنزلة البعض لما وصف بها وبعض الشيء لا ينفصل عن كله فيلغوا قبل وجود الأصل والجواب أن النكاح يذكر ويراد به الوطوء وهو أصله ويحتمل العقد على ما يأتي في موضعه وقد أريد أن العقد هنا بدلالة إضافته إلى المرأة لأنها في فعل مباشرة العقد مثل الرجل فصحت الإضافة إليها وأما فعل الوطوء فلا يضاف إليها مباشرته أبدا لأنها لا يحتمل ذلك وإنما ثبت الدخول بالسنة على ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لامرأة رفاعة وقد طلقها ثلثا ثم نكحت بعبد الرحمن بن الزبير ثم جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تتهمه بالعنة وقالت ما وجدته إلا كهدبة ثوبي هذا فقال صلى الله عليه وسلم أتريدين أن تعودي إلى رفاعة فقالت نعم فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا حتى تذوقي من عسيلته ويذوق من عسيلتك وفي ذكر العود دون الانتهاء إشارة إلى التحليل وفي حديث آخر لعن الله المحلل والمحلل له فثبت الدخول زيادة بخبر مشهور يحتمل الزيادة بمثله وما ثبت الدخول بدليله إلا بصفة التحليل وثبت شرط الدخول بالإجماع ومن صفته التحليل وأنتم أبطلتم هذا الوصف عن دليله عملا بما هو ساكت
مخ ۱۴