يفعل الشئ ليس على ان لا يفعل فقولنا أنت قادر على ان لا تمشي معه إنما نريد انه قادر على ان يفعل ضد الشئ وما لا يقع المشي معه وكذلك في الارادة وإذا كان هذا كما وصفنا لم يجز لعاقل ان يقتصر في هذا الباب على ما يطلقه الناس من عباراتهم ويدع التأمل للمعنى الذي تعلق به الذم في العقول وايضا فانا نعلم انهم كما يقولون لمن لم يصل اسات إذ لم تصل فكذلك يقولون له اسات في تركك الصلاة وتشاغلك عنها بما لا يجدى عليك في دين ولا دنيا وفرطت وضيعت وظلمت زيدا إذ منعته حقه الذي له عليك وفعلت ما لا يحل ولا يحمد فيعلقون الذم في ظاهر القول بافعال وقد علمنا انهم لم يقصدوا من الذم باحد القولين إلا الى ما يقصدونه بالاخر وفي أحد القولين الافصاح عن فعل عقلوه فوجب ان يكون هو المقصود بالقول الاخر وهو الفعل المعقول الذي هو الترك (فصل) واعلم ان الفاعل المحدث لا يخلو من اخذ أو ترك وهما فعلان متضادان فهو لا يعرب من الافعال في تعاقب الاضداد ولا يقال ان الله سبحانه لا يخلو من اخذ أو ترك لانه يصح ان يخلو من الافعال وليس هو بمحل للاعراض ولا لتعاقب الاضداد والترك في الحقيقة يختص بالمحدثين ولا يوصف الله تعالى به إلا على المجاز والاتساع ولا يصح ان يقال ان لم يزل تاركا في الحقيقة لأن ذلك يوجب انه لم يزل خاليا من الا فعال والقول الصحيح انه كان قبل خلقه ليس بفاعل ولا تارك متقدما لجميع الافعال فافهم ما ذكرناه (فصل) مما ورد في ذكر الظلم روى عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام انه قال قال رسول الله صلى الله عليه واله اوحى الله تعالى الى نبي من انبيائه ابن آدم اذكرني عند غضبك اذكرك عند غضبي فلا امحقك فيمن امحق فإذا ظلمت بمظلمة فارض بانتصاري لك فإن انتصاري خير من انتصارك لنفسك واعلم ان الخلق الحسن يذيب السيئة كما تذيب الشمس الجليد وان الخلق السئ يفسد العمل كما يفسد الخل العسل وروي عن رسول الله صلى الله عليه واله انه قال من ولي شيئا من امور امتي فحسنت سريرته لهم رزقه الله تعالى الهيبة في قلوبهم ومن بسط كفه لهم بالمعروف رزق المحبة منهم ومن كف يده عن اموالهم وقى الله عزوجل ماله ومن اخذ للمظلوم من الظالم كان معي في الجنة مصاحبا ومن كثر عفوه مد في عمره ومن عم عدله نصر على عدوه ومن خرج من ذل المعصية الى عز الطاعة آنسه الله عزوجل بغير انيس واعانه بغير مال
--- [ 57 ]
مخ ۵۶