مضطرا ومثل القدرة كمثل السيف الذي يعطيه السيد لعبده ليقتل به اعدائه وهو يصلح ان يقتل به اولياءه وكالدراهم التي تصلح ان تنفق في الطاعة والمعصية ويدفع الى من ينفقها في الطاعة فيعصي وينفقها في المعصية والقدرة معنى تحل القادر يصح به الفعل وهي القوة وهي ايضا الاستطاعة (فصل) من القول في ان القدرة على الفعل توجد قبله الدليل على ان القدرة متقدمة في الوجود للفعل انها انما يحتاج إليها ليحدث بها الفعل ويخرج بها من العدم الى الوجود فمتى وجدت والفعل موجود وجدت في حال الاستغناء عنه (ومما يدل) على تقدمها انها لو كانت مع الفعل كان الكافر غير قادر على الايمان لانه لو قدر عليه لكان موجودا منه على هذا المذهب فكان يكون مؤمنا في حال كفره وهذا فاسد ولو لم يكن قادرا على الايمان لما حسن ان يؤمر به ويعاقب على تركه لما قدمناه من قبح تكليف ما لا يطاق وبطلانه وقد قال اصحابنا مؤكدين القول بتقدم القدرة على الفعل فيمن كان في يده شئ فالقاه ان استطاعة الالقاء لا تخلو من حالتين أما ان تأتيه والشئ في يده أو تأتيه وهو خارج عن يده فإن كانت تأتيه والشئ في يده فقد صح تقدم على الالقاء وهو الذي قلنا وان كانت تأتيه والشئ خارج عن يده ملقى عنها فقد اتت في حال الغنى عنها وفي ذلك ايضا انه قد قدر على ان يلقى ما ليس في يده وهذا محال وليس بين كون الشئ في يده وكونه خارجا عنها واسطة ومنزلة ثالثة وقد قال أهل العلم ايضا لو كانت القدرة والفعل يوجدان معا ولا يصح غير هذا لم تكن القدرة المؤثرة فيه باولى من ان يكون هو المؤثر فيها وقالوا ولو كان لا يصح وجود القدرة حتى يوجد الفعل كما لا يصح وجود الفعل حتى توجد القدرة لكان لا يصح ان يوجدا (حدثني شيخي) رحمه الله ان متكلمين احدهما عدلى والاخر جبري كانا كثيرا ما يتكلمان في هذه المسألة وان الجبري اتى منزل العدلي فدق عليه الباب فقال العدلي من ذا قال انا فلان قال له العدلي ادخل قال له الجبري افتح لي حتى ادخل قال العدلي ادخل حتى افتح فانكر هذا عليه وقال له لا يصح دخولي حتى يتقدم الفتح فوافقه على قوله في القدرة والفعل واعلمه بذلك وجوب تقدمها عليه فانتقل الجبري عن مذهبه وصار الى الحق (فصل) من القول في ان القدرة غير موجبة للفعل الدليل على انها غير موجبة ما قدمناه من انها قدرة على الضدين فلو كانت موجبة لاوجبتهما فادى ذلك الى المحال وكون المكلف حاضرا ومسافرا في حال ومتحركا ساكنا في حال ولو كانت القدرة ايضا موجبة لكان القادر
--- [ 44 ]
مخ ۴۳