Treasure of Benefits
كنز الفوائد
وقصدهم بذلك ما ذكرناه دون غيره وقد اجمع المفسرون على ان المراد بقوله سبحانه * (النبي اولى بالمؤمنين من انفسهم) * انه اولى بتدبيرهم والقيام بامورهم من حيث وجبت طاعته عليهم وليس يشك أحد من العقلاء في ان من كان اولى بتدبير الخلق وامرهم ونهيهم من كل أحد منهم فهو الامام المفترض الطاعة عليهم (ووجه احسن) ومما يوضح ان النبي صلى الله عليه واله اراد ان يوجب لامير المؤمنين عليه السلام بذلك منزلة الرئاسة والامامة والتقدم على الكافة فيما يقتضيه فرض الطاعة انه قررهم بلفظ اولى على أمر يستحقه عليهم من معناها ويستوجبه من مقتضاها وقد ثبت انه يستحق في كونه اولى بالخلق من انفسهم انه الرئيس عليهم والنافذ الامر فيهم والذي طاعته مفترضة على جميعهم فوجب ان يستحق أمير المؤمنين عليه السلام مثل ذلك بعينه لانه جعل له منه مثل ما هو واجب له فكأنه قال من كنت اولى به من نفسه في كذا فعلي اولى به من نفسه فيه (ووجه آخر) وهو انا إذا اعتبرنا ما يحتمله لفظة مولى من الاقسام لم نر فيها ما يصح ان يكون من اراد النبي صلى الله عليه واله إلا ما اقتضاه الامامة والرئاسة على الانام وذلك ان أمير المؤمنين عليه السلام لم يكن مالكا لرق كل من ملك رسول الله صلى الله عليه واله رقه ولا معتقا لكل من اعتقه فيصح ان يكون احد هذين القسمين المراد ولا يصح ان يريد المعتق لاستحالة هذا القسم فيهما على كل حال ولا يجوز ان يريد ابن العم والناصر فيكون قد جمع الناس في ذلك المقام ويقول لهم من كنت ابن عمه فعلي ابن عمه أو من كنت ناصره فعلي ناصره لعلمهم ضرورة لذلك قبل هذا المقام ومن ذا الذي يشك في ان كل من كان رسول الله صلى الله عليه واله ابن عمه فان عليا عليه السلام ابن عمه ومن ذا الذي لم يعلم ان المسلمين كلهم انصار من نصره النبي صلى الله عليه واله فلا معنى لتخصيص أمير المؤمنين عليه السلام بذلك دون غيره ولا يجوز ان يريد ضمان الجرائر واستحقاق الميراث للاتفاق على ان ذلك لم يكن واجبا في شئ من الازمان وكذلك لا يجوز ان يريد الحليف لأن عليا عليه السلام لم يكن حليفا لجميع حلفاء رسول الله صلى الله عليه واله ولا يصح ايضا ان يريد من كنت جاره فعلي جاره لأن ذلك لا فائدة فيه وليس هو ايضا صحيحا في كل حال فإذا بطل ان يكون مراده صلى الله عليه واله شيئا من هذه الاقسام لم يبق إلا ان يكون قصده ما كان حاصلا له من تدبير الانام
--- [ 232 ]
مخ ۲۳۱