227

وانتشاره الكافي ونقل الناس له قرنا بعد قرن بغير اسناد معين حتى عمت المعرفة به واشترك الكل في ذكره وقد جرى خبر يوم الغدير هذا المجرى واختلط في الذكر والنقل بما وصفنا فلا حجة في صحته اوضح من هذا ومن ذلك انه قد ورد ايضا بالاسانيد المتصلة ورواه اصحاب الحديثين من الخاصة والعامة من طرق في الروايات كثيرة فقد اجتمع فيه الحالان وحصل له البيان ومن ذلك ان كافة العلماء قد تلقوه بالقبول وتناولوه بالتسليم فمن شيعي يحتج به في صحة النص بالامامة ومن ناصبي يتاوله ويجعله دليلا على فضيلة ومنزلة جليلة ولم نر للمخالفين قولا مجردا في ابطاله ولا وجدناهم قبل تأويله قد قدموا كلاما في دفعه وانكاره فيكون جاريا مجرى تأويل اخباره المشتبهة ورواياتها بعد الابانة عن بطلانها وفسادها بل ابتداوا بتأويله ابتداء من لا يجد حيلة في دفعه وتوفره على تخريج الوجوه له لتوفر من قد لزمه الاقرار به وقد كان انكاره اروح لهم لو قدروا عليه وجحده اسهل عليهم لو وجدوا سبيلا إليه فاما ما يحكى عن أبي داود السجستاني من انكاره له وعن الجاحظ من طعنه في كتاب العثمانية فيه فليس بقادح في الاجماع الحاصل على صحته لأن القول الشاذ لو اثر في الاجماع وكذلك الراي المستحدث لو ابطل مقدم الاتفاق لم يصح الاحتجاج بالاجماع ولا يثبت التعويل على اتفاق على ان السجستاني قد تنصل من نفي الخبر فاما الجاحظ فطريقته المشتهرة في تصنيفاته المختلفة واقواله المتضادة المتناقضة وتاليفاته القبيحة في اللعب والخلاعة وانواع السخف والمجانة الذي لا يرتضيه لنفسه ذو عقل وديانة يمنع من الالتفات الى ما يحكيه وتوجب التهمة له فيما ينفرد به ويأتيه وأما الخوارج الذين هم اعظم الناس عداوه لامير المؤمنين عليه السلام فليس يحكى عنهم صادق دفعا للخبر والظاهر من حالهم حملهم له على وجه من التفضيل ولم يزل القوم يقرون لامير المؤمنين عليه السلام بالفضائل ويسلمون له المناقب وقد كانوا انصاره وبعض اعوانه وإنما دخلت الشبهة عليهم بعد الحكمين فزعموا انه خرج عن جميع ما كان يستحقه من الفضائل بالتحكيم وقد قال شاعرهم * كان علي قبل تحكيمه * جلدة بين العين والحاجب * ولو لم يكن الخبر كالشمس وضوحا لم يحتج به أمير المؤمنين عليه السلام يوم الشورى حيث قال للقوم في ذلك المقام انشدكم الله هل فيكم أحد اخذ رسول الله صلى الله عليه واله بيده فقال من كنت مولاه فهذا مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه

--- [ 228 ]

مخ ۲۲۷