Treasure of Benefits
كنز الفوائد
المضاد لما سمعت من اقواله فلما افاق من غشيته لم املك الصبر دون سؤاله من امره وسبب صنعه بنفسه مع تجهيله من قبل لفاعله وعن وجه استعادته من الشعر ما لم تجر عادتهم باستعادة مثله فقال لي لست اجهل ما ذكرت ولي عذر واضح فيما صنعت اعلمك ان أبي كان كاتبا وكان بي برا وعلى شفيقا فسخط السلطان عليه فقتله فخرجت الى الصحراء لشدة ما لحقني من الحزن عليه فوجدته ملقى والكلاب ينهشون لحمه فلما سمعت المغني يقول فطافت بذاك القاع ولهى * فصادفت سباع الفلا ينهشنه ايما نهش ذكرت ما لحق أبي وتصور شخصه بين عيني وتجدد حزنه علي ففعلت الذي رايت بنفسي فندمت حين اذن على سوء ظني به وتغممت عما لحقه واتعظت بقصته وعلمت ان الله تعالى لطف لي بمشاهدة هذه الحال والوقوف عليهم لتكون لي دلالة على الصواب في هذه المسألة واشباهها وانه محرم على كل عاقل لبيب ان يعجل بتجهيل من ثبت عنده عقله وبان له فضله إذا ظهر منه فعل لم يعرف فيه سببه ولا علم مراده منه وغرضه وورود مثل هذه الامور من العقلاء كثير وهي حجة على من اظهر التعجب مما ورد به الشرع من التكليف وجعل عدم علمه باسباب ذلك دلالة على فساد تعقله الضعيف على ان الاخبار قد نقلت عن الائمة عليهم السلام بذكر اسباب لهذه العبادات تسمى عللا على المجاز والاتساع وجمع في ذلك على بن حاتم القزويني رحمه الله كتابا سماه كتاب العلل وانا اذكر طرفا مما رواه في الحج ومناسكه واسبابه وعلله قال ان الحج هو الوفادة الى الله عزوجل وفيه منافع كثيرة للدنيا والاخرة من الرغبة الى الله تعالى والرهبة منه والتوبة إليه من معاصيه وطلب الثواب على تحمل المشاق فيما يرضيه ومنفعة أهل الشرق والغرب ومن في البر والبحر من تاجر وجالب ومشتر وبائع ونحو ذلك من الفوائد قال الله تعالى * (ليشهدوا منافع لهم) * والتلبية هي جواب نداء إبراهيم عليه السلام لما اذن في الناس بالحج وروى ان أمير المؤمنين عليه السلام سئل عن الوقوف بالحل يعنى الوقوف بالعرفات ولو لم يكن في الحرم فقال لأن الكعبة بيته والحرم داره فلما قصدوه وافدين وقفهم بالباب يتضرعون إليه قيل له فالمشعر الحرام
--- [ 224 ]
مخ ۲۲۳