Treasure of Benefits
كنز الفوائد
عن الاصلح له واقتصر به على نعيم غيره افضل منه وذلك لا يقع من عالم حكيم جواد غير بخيل فوجب في الحكمة خلقهم في الدنيا وعمومهم بالتكليف الذي فيه التعريض للامر الجليل ليستحق الطائعون ما سبق لهم في المعلوم وليس يقع المخالفة بعد التبيين والتعريف وازاحة العلة في التكليف إلا من جان على نفسه غير ناظر في عاقبة امره (وجواب ثان) ويقال لهم لو خلق الله تعالى خلقه في الجنة لم يخل امرهم من حالين أما ان يبيحهم الجهل به وكفر نعمته فليس بحكيم من اباح ذلك وأما ان يامرهم بمعرفته وشكر نعمته والحكمة توجب ذلك فلا بد عند الامر بالشئ من النهي عن ضده ثم لابد من ترغيب فيما يامر به ووعد جميل على فعله وترهيب فيما نهى عنه ووعيد على فعله وإذا وجب الامر والنهي والترغيب والترهيب والوعد والوعيد فقد حصلت حالهم كحالهم في الدنيا ووجب ان يكون للوعيد انجاز فينتقلوا الى دار الجزاء فقد انتهى الامر الى ما فعله سبحانه مما لا يقتضي الحكمة غيره فان قالوا اليس الطائعون لابد من مصيرهم الى الجنة فالا كانت حالهم في الابتداء كحالهم في الثواب والجزاء من حصول المعرفة والشكر قلنا لهم بين الوقتين فرق وذلك انهم إذا صاروا الى الجنة بعد كونهم في الدنيا فقد تقدم لهم الامر والنهي وذاقوا البؤس والالام وعرفوا قدر النعمة وشاهدوا وقوع العقاب والثواب باهلها فكان ذلك يقوم لهم في الترغيب في المعرفة والشكر والانزجار عن تركهما مقام الامر والنهي والوعد والوعيد ولو ابتداهم في الجنة لم يكونوا امروا ولا نهوا ولا وعدوا ولا توعدوا ولا فعل بهم ما يقوم مقام ذلك فكانوا بمنزلة من ابيح له الجهل والكفر تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ولا يجوز ان يخلق فيهم المعرفة به ابتداء لأن الغائب لا يعرف بالضرورة إلا ان يحضر كما ان الحاضر لا يعلم بالاستدلال إلا ان يغيب ولو جاز ان يخلقهم فيعرفون الغائب من غير استدلال لجاز ان يقدرهم على ذلك وهذا محال ولا يجوز ايضا ان يخلق الشكر فيهم لانه لو خلقه لهم لم يكونوا هم الشاكرين بل يكون هو الشاكر لنفسه لأن الشاكر من فعل الشكر لا من فعل فيه كما ان الظالم من فعل الظلم لا من فعل فيه (مسألة اخرى للملاحدة) قال الملحدون كيف يجوز من الحكيم الرحيم ان يخلق خلقا ثم يكلفهم وهو يعلم انهم يعصون فيصيرون الى العذاب الاليم و--- [ 218 ]
مخ ۲۱۷