211

بالاعتبار الجهة الثانية من الطبائع وما يكون من قهر بعضها لبعض فيضطرب له المزاج ويتخيل لصاحبه ما يلائم ذلك الطبع الغالب من ماكول ومشروب ومرئي وملبوس ومبهج ومزعج وقد نرى تأثير الطبع الغالب في اليقظة والشاهد حتى ان من غلب عليه الصفراء يصعب عليه الصعود الى المكان العالي يتخيل له من وقوعه منه ويناله من الهلع والزمع ما لا ينال غيره ومن غلبت عليه السوداء يتخيل له انه قد صعد في الهواء وناجته الملائكة ويظن صحة ذلك حتى انه ربما اعتقد في نفسه النبوة وان الوحي ياتيه من السماء وما اشبه ذلك والجهة الثالثة الطاف من الله عزوجل لبعض خلقه من تنبيه وتيسير واعذار وانذرا فيلقى في روعه ما ينتج له تخيلات امور تدعوه الى الطاعة والشكر على النعمة ومن تزجره عن المعصية وتخوفه الاخرة ويحصل بها مصلحة وزيادة فائدة وفكر يحدث له معرفة والجهة الرابعة اسباب من الشيطان ووسوسه يفعلها للانسان ويذكره بها امورا تحزنه واسبابا تغمه وتطمعه فيما لا يناله أو يدعوه الى ارتكاب محظور يكون فيه عطبة أو تخيل شبهة في دينه يكون منها هلاكه وذلك مختص بمن عدم التوفيق لعصيانه وكثرة تفريطه طاعات الله سبحانه ولن ينجو من باطل المنامات واحلامها إلا الانبياء والائمة عليهم السلام ومن رسخ في العلم من الصالحين وقد كان شيخي رضي الله عنه قال لي ان كل من كثر علمه واتسع فهمه قلت مناماته فان راى مع ذلك مناما وكان جسمه من العوارض سليما فلا يكون منامه إلا حقا يريد بسلامة الجسم عدم الامراض المهيجة للطباع وغلبة بعضها على ما تقدم به البيان والسكران ايضا لا يصح له منام وكذلك الممتلئ من الطعام لانه كالسكران ولذلك قيل ان المنامات قلما يصح في ليالي شهر رمضان فاما منامات الانبياء صلوات الله عليهم فلا تكون إلا صادقه وهي وحي في الحقيقة ومنامات الائمة عليهم السلام جارية مجرى الوحي وان لم تسم وحيا ولا تكون قط إلا حقا وصدقا وإذا صح منام المؤمن لانه من قبل الله تعالى كما ذكرناه وقد جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه واله انه قال رؤيا المؤمن جزء من سبعة وسبعين جزءا من النبوة (وروى) عن علي عليه السلام قال رؤيا المؤمن تجري مجرى كلام تكلم به الرب عنده فاما وسوسة شياطين الجن فقد ورد السمع بذكرها قال الله تعالى * (من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس) * الناس وقال * (وان الشياطين ليوحون الى اوليائهم

--- [ 212 ]

مخ ۲۱۱