205

الظن به حسننا بل الدلالة حاصلة على فساد طويته وشله وحيرته ذلك انه مع رسول الله صلى عليه واله وفي حوزته بحيث اختار الله تعالى ستر نبيه وحفظ مهجته هذا وقد كان يخبر عليه السلام بخبر من اسلم على يده بان الله سينصره على عدوه ومعانده وانه وعده اعلاء كلمته واظهار شريعته وهذا يوجب الثقة بالسلامة وعدم الحزن والمخافة ثم ما ظهر له من الايات الموجبة لسكون النفس وازالة المخافة من نسج العنكبوت على باب الغار وتبيض الطائر هناك في الحال وقول النبي صلى الله عليه واله لما راى من عدم ثقته بالله تعالى حزنه وكثرة هلعه وجزعه ان دخلوا من ههنا واشار الى جانب الغار فانخرق وظهر له منه البحر وببعض هذا يانس المستوحش وبنظره يطمئن الخائف فلم يسكن أبو بكر الى شئ من ذلك وظهر منه الحزن والقلق ما دل على شكه في كل ما سمع وشاهد ولا شبهة بعد هذا البيان تعترض في قبح حزنه ولا شك في انه عاص لله سبحانه وان النهي إليه كاشف عن حاله وأما حزن ام موسى عليه السلام فمفارق ايضا لحزنه لان احدا لا يشك في ان خوفها وحزنها إنما كان شفقة منها على ولدها لما امرت بالقائه في اليم ويجوز ان يكون لم تعلم في الحال بانه سيسلم ويعود إليها على افضل ما تؤمل فلحقها ما يلحق الوالدة على ولدها من الخوف والحزن لمفارقته فلما قال لها لا تخافى وتحزني انا رادوه اليك وجاعلوه من المرسلين اطمانت عند ذلك وسكنت تصديقا للقول وثقة بالوعد وأبو بكر فقد سمع مثل ما سمعت وراى اكثر مما رات ولم يثق قلبه ولا سكنت نفسه فوضح الفرق بين حزنها وحزنه على ان ظاهر الاية تشهد بان الله تعالى أمر ام موسى عليه السلام ان تلقى ولدها في اليم وسكن قلبها عقيب الامر في قوله سبحانه * (واوحينا الى ام موسى ان ارضعيه فإذا خفت عليه فالقيه في اليم فلا تخافي ولا تحزني انا رادوه اليك وجاعلوه من المرسلين) * القصص فالخوف والحزن اللذان ورد ظاهر النهي عنهما يصح ان لا يكون وقعا منها لأن تسكين النفس بالسلامة اشارة بحسن العاقبة عقيب الامر بالالقاء يؤمن من وقوع الهم والحزن جميعا وأما حزن أبي بكر فقد وقع واجمعت الامة على انه حزن وليس من فعل كمن لم يفعل فلا نقض بهما من كل وجه (فصل اخر وسؤال) فان قال قائل ما جوابكم لمن يقول ان العمدة في تفضيل ابي بكر هي مفارقته لاهله ووطنه وولده وعشيرته ومشاركته لرسول الله صلى الله عليه واله في هجرته وبذل نفسه والخروج معه دون غيره من جميع اهله واصحابه حتى روى ان من

--- [ 206 ]

مخ ۲۰۵