الکامل په ژبه او ادب کې
الكامل في للغة والأدب
پوهندوی
محمد أبو الفضل إبراهيم
خپرندوی
دار الفكر العربي
د ایډیشن شمېره
الطبعة الثالثة ١٤١٧ هـ
د چاپ کال
١٩٩٧ م
د خپرونکي ځای
القاهرة
للحسن البصري في المواعظ
وحدثت أن راهبين دخلا البصرة من ناحية الشام، فنظرا إلى الحسن البصري، فقال أحدهما لصاحبه: مل بنا إلى هذا الذي كأن سمته سمت المسيح، فعدلا إليه، فألفياه مفترشًا بذقنه ظاهر كفه، وهو يقول: يا عجبًا لقوم قد أمروابالزاد، وأوذنوا بالرحيل، وأقام أولهم على آخرهم! فليت شعري ما الذي ينتظرون؟
ونظر الحسن إلى الناس في مصلى البصرة يضحكون ويلعبون في يوم عيد، فقال الحسن: إن الله جعل الصوم مضمارًا لعباده ليستبقوا إلى طاعته، فسبق أقوام ففازوا، وتخلف آخرون فخابو، ولعمري لو كشف الغطاء لشغل محسنٌ بإحسانه، ومسيءٌ بإساءته عن تجديد ثوب، أو ترطيل شعرٍ.
قوله:" ترطيل شعر" إنما تلبين الشعر بالدهن وما أشبهه، ويقال للرجل إذا كان فيه لينٌ وتوضيع: رجل رطلٌ، والذي يوزن به ويكال يقال له: رطلٌ، بكسر الراء.
وكان الحسن يقول: اجعل الدنيا كالقنطرة تجوز عيها ولا تعمرها.
قوله القنطرة يعني هذه المعقودة المعروفة عند الناس، والعرب تسمي كل أزج١ قنطرة قال طرفة بن العبد:
كقنطرة الرومي أقسم ربها ... لتكتنفًا حتى تشاد بقرمد
قوله"حتى تشاد" يقول: تطلى، وكل شيء طليت به البناء من جص أو جيار، وهو الكلس، فهو المشيد، يقال: دار مشيدةٌ، وقصر مشيدٌ، قال الله ﷿: ﴿وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ﴾ ٢ وقال الشماخ:
لا تحسبني وإن كنت امرأً غمرًا ... كحية الماء بين الطين والشيد
وقال عدي بن زيد العبادي:
شاده مرمرًا وجلله كِْلـ ... ـسًا فللطير في ذراه وكور
والمقرمد: المطلي أيضًا، فمن ثم قال: "حتى تشاد بقرمد" في معنى حتى تطلى، ومن ذلك قول النابغة:
رابي المجسة بالعبير مقرمد٣
_________
١ الأزج: نوع من الأبينة يطول بناؤه.
٢ سورة النساء ٧٨.
٣ قبله:
وإذا طعنت طعنت في مستهدف
وانظر ديوانه ٣٢.
1 / 85