باب
نبذ من أقوال الحكماء
قال أبو العباس١ قال بعض الحكماء: من أدب ولده صغيرًا سر به كبيرًا وكان يقال: من أدب ولده أرغم حاسده.
وقال رجل لعبد الملك بن مروان إني أريد آن أسر إليك شيئًا، فقال عبد الملك لأصحابه: إذا شئتم، فنهضوا، فأراد الرجل الكلام، فقال له غبد الملك قف، لا تمدحني، فآنا أعلم بنفسي منك، ولا تكذبني، فإنه لا رأي لمكذوبٍ؟ ولا تغتب عندي احدًا. فقال الرجل: يا أمير المؤمنين، أفتأذن لي في الانصراف؟ قال له: إذا شئت.
وقال بعض الحكماء: ثلاث لا غربة معهن: مجانبة الريب، وحسن الأدب، وكف الأذى.
وقال عمرو بن العاص لدهقان٢ نهر تيرى٣: بم ينبل الرجل عندكم؟ فقال: بترك الكذب، فإنه لا يشرف إلا من يوثق بقوله، وبقيامه بأمر أهله، فإنه لا ينبل من يحتاج أهله إلى غيره، وبمجانبة الريب، فإنه لا يعز من لا يؤمن ألا يصادف على سوأة، وبالقيام بحاجات الناس، فإنه من رجي الفرج لديه كثت غاشيته.
وقال بزر جمهر: من كثر أدبه كثر شرفه، وإن كان قبل وضيعًا، وبعد صيته وإن كان حاملًا، وسادًا وإن كلن غريبًا، وكثرت الحاجة إليه وإن كان مقترًا.
وكان يقال: عليكم بالأدب، فإنه صاحبٌ في السفر، ومؤنس في الوحدة، وجمال في المحفل، وسبب إلى طلب الحاجة.
وقال عمر بن الخطاب ﵁: من أفضل ما أعطيته العرب الأبيات. يقدمها الرجل أمام حاجته، فيستعطف بها الكريم، ويستنزل لها اللئيم.
_________
١ ساقطة من ر.
٢ الدهقان: زعيم فلاحى العجم، ويطلق على رئيس الإقيلم.
٣ نهر تيرى: موصع بناحية الأهواز.
1 / 65