Jurisprudence of Worship According to the Hanbali School
فقه العبادات على المذهب الحنبلي
ژانرونه
الباب الخامس (الغسل)
تعريف الغُسل:
لغة: الفعل الذي يقع من الإنسان من إراقة الماء على بدنه ودلكه.
شرعًا: استعمال الماء الطهور في جميع البدن على وجه مخصوص.
والأصل في شرعيته قوله تعالى: (وإن كنتم جنبًا فاطهروا) (١) .
(١) المائدة: ٦.
موجبات الغسل:
أولًا: نزول المني يقظة بلذة ولو بغير جماع كنظر أو تفكير أو ملاعبة. وصفاته: أن يخرج بدفق وتشتد الشهوة عند خروجه ويفتر البدن بعده. ومني الرجل أبيض ثخين، ومني المرأة أصفر رقيق لحديث أم سليم عن النبي ﷺ: (إن ماء الرجل غليظ أبيض وماء المرأة رقيق أصفر) (١)، أما إن خرج بغير لذة كمرض أو ألم أو بسبب ضربة شديدة على صلبه فلا يجب الغسل، ولا يخرج بالمرض إلا رقيقًا. وإن جامع واكسل (٢) فاغتسل ثم أنزل بلا لذة لم يجب الغسل لأنها جنابة واحدة فلا توجب غسلين.
ثانيًا نزول المني في حالة النوم ويعبر عنه بالاحتلام أو في حالة الإغماء، فمن احتلم ثم استيقظ من نومه فوجد بللًا في ثيابه أو على بدنه فإنه يجب عليه أن ⦗٩٦⦘ يغتسل، وإن احتلم ولم يجد بللًا فلا غسل عليه، وإن وجد بللًا ولم يذكر احتلامًا فعليه الغسل لما روت عائشة ﵂ قالت: (سئل رسول الله ﷺ عن الرجل يجد بللًا ولا يذكر احتلامًا، قال: يغتسل، وعن الرجل يرى أن قد احتلم ولا يجد البلل، قال لا غُسل عليه) (٣)، والمرأة كالرجل في ذلك بدليل حديث أم سلمة ﵂ قالت: (جاءت أم سليم ﵂ إلى النبي ﷺ فقالت: يا رسول الله! إن الله لا يستحيي من الحق فهل على المرأة غُسل إذا هي احتلمت؟ فقال رسول الله ﷺ: نعم إذا رأت الماء) (٤) .
أما خروج المذي والودي فلا يوجب الغسل وإنما يوجب الوضوء، لما روى سهل بن حنيف ﵁ قال: (كنت ألقى من المذي شدة وعناء فكنت أكثر منه الغسل، فذكرت ذلك لرسول الله ﷺ وسألته عنه فقال: إنما يجزئك من ذلك الوضوء) (٥)، ولما روى علي ﵁ قال: (كنت رجلًا مذاءً وكنت أستحيي أن أسأل النبي ﷺ لمكان ابنته فأمرت المقداد فسأله فقال: يغسل ذكره ويتوضأ) (٦) .
حالة الاشتباه بالخارج هل هو مذي أم مني؟
آ- يقظة: الذي يخرج منه مذي، لأن الني لا يشبه بغيره في اليقظة لأنه يخرج دفقًا وبشهوة.
ب- نومًا: إن كان نومه عقيب شهوة (مداعبة أو تذكر ...) فهو مذي لأن هذا سببهُ، وإن لم يكن كذلك فهو مني بناء على حديث السيدة عائشة ﵂ المتقدم في الذي يجد بللًا، ولأن خروج المني في النوم معتاد وغيره نادر.
ثالثًا: انتقال المني من مقره (الصلب عند الرجل والترائب عند المرأة)، فإن أحس الرجل بانفصال المني من صلبه وأحست المرأة بانفصال المني من ترائبها ولو لم ⦗٩٧⦘ يصل المني إلى ظاهر القُبل كأن أمسك ذكره فإنه يوجب الغسل، فإن اغتسل وذهب منه المني بعد الغسل بلا لذة فلا غسل عليه، لأنه جنابة واحدة فلا يجب به غسلان.
رابعًا: التقاء الختانين بلا حائل بمقدار ما تغيب الحشفة أو بقدرها ولو لم يُنزل، لما روي عن أبي موسى الأشعري ﵁ أنه سأل عائشة ﵂ عما يوجب الغسل قالت: على الخبير سقطت. قال رسول الله ﷺ: (إذا جلس بين شعبها الأربع ومس الختان الختان فقد وجب الغسل) (٧)، أو إيلاج الحشفة في فرج أصلي ولو دبرًا ولو لميت أو بهيمة (أما الفرج غير الأصلي مثل قبل الخنثى المشكل فلا غسل عليه) . وإن مات شهيدا وعليه جنابة غسّل، فإن اغتسل ثم نزل المني بعد الغسل وجب عليه غسل جديد إن نزل بلذة، أما إن نزل بدون لذة فلا غسل عليه بل ينقض الوضوء فقط. وكذلك المرأة إن نزل منيُّها بلذة بعد الغسل فعليها غسل جديد، أما إن كان الخارج منها منيُّ الرجل أو منيها ولكن بلا لذة فلا غسل عليها.
خامسًا: إسلام الكافر ولو مرتدًا سواء كان وجد في كفره ما يوجب الغسل أم لا، وسواء اغتسل قبل إسلامه أم لا، لما روى قيس بن عاصم قال: (أتيت النبي ﷺ أريد الإسلام فأمرني أن أغتسل بماء وسدر) (٨)، وفي رواية أنه لا غسل عليه، لما روى ابن عباس ﵄ أن معاذًا ﵁ قال: (بعثني رسول الله ﷺ قال: إنك تأتي قومًا من أهل الكتاب فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فإن هم أطاعوا لذلك، فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة) (٩) ولم يأمرهم بالغسل ولو أمر لنقل نقلًا متواترًا. والرواية الأولى هي المذهب.
سادسًا: الموت، والعلة هنا تعبدية، ويستثنى من ذلك الشهيد والمقتول ظلمًا. ⦗٩٨⦘
سابعًا: الحيض أو النفاس (وهو الدم الخارج عقب الولادة)، ويشترط لصحة الغسل انقطاعهما. أما الولادة العارية عن الدم فلا غسل عليها، وعن الإمام أحمد: يجب الغسل، لأنه لا تكاد تعرى من نفاس موجب فكانت مظنة له فأقيمت مقامه.
ولا يجب الغسل من تغسيل الميت ولا من إفاقة المجنون أو المغمى عليه.
(١) مسلم: ج-١/ كتاب الحيض باب ٧/٣٠. (٢) ضعف عن الجماع. (٣) أبو داود: ج-١/ كتاب الطهارة باب ٩٥/٢٣٦. (٤) مسلم: ج-١/ كتاب الحيض باب ٧/٣٢. (٥) الترمذي: ج-١/ الطهارة باب ٨٤/١١٥. (٦) مسلم: ج-١/ كتاب الحيض باب ٤/١٧. (٧) مسلم: ج-١/ كتاب الحيض باب ٢٢/٨٨. (٨) أبو داود: ج-١/؟؟ كتاب الطهارة باب ١٣١/٢٩. (٩) مسلم: ج-١/ كتاب الإيمان باب ٧/٢٩.
1 / 95