97

Jurisprudence of Worship According to the Hanafi School

فقه العبادات على المذهب الحنفي

ژانرونه

السَّهْو: الغَفلة. ويسمى السجود سجودَ السهو لأنه يضمن ما فات في الصلاة من غير قصد. حكمه: واجب، لأنه ضمان فائت وهو لا يكون إلا واجبًا لأنه يرفع (يلغي) واجبًا وهو قراءة التشهد والسلام، فيعادان بعد فعله ولولا أنه واجب لما رفعهما. كيفية سجود السهو ووقته: هو سجدتان تجزيان عن كل زيادة أو نقصان، والأرجح أن وقته بعد قراءة التشهد والصلاة على النبي ﷺ لما روي عن عبد الله بن جعفر ﵄ أن رسول الله ﷺ قال: (من شك في صلاته فليسجد سجدتين بعد ما يسلم) (١) . أي يجب أن يأتي به بعد كل الواجبات فيؤخر عن السلام، أو عن تسليمة واحدة، ثم يسجد سجدتين ويعيد التشهد والسلام. ويصح فعله قبل السلام وإن كان خلاف الأَوْلى وذلك باعتبار السلام واجبًا.

(١) أبو داود: ج ١ / كتاب الصلاة باب ١٩٩/١٠٣٣.

أسباب وجوبه: -١ - إذا ترك واجبًا سهوًا، أو أخره عن محله، أو قدّمه، أو زاده سهوًا. -٢ - إذا قدم فرضًا عن مكانه سهوًا. -٣ - إذا أخر فرضًا عن مكانه سهوًا. ولا يسجد للسهو لترك السنة، لأنه الصلاة لا تنقض بتركها. ولا يجبر ترك الفرض بسجود السهو، لأن ترك الفرض مبطل للصلاة أصلًا فلو سها عن ركن من أركان الصلاة أعاده، ولو أخره عن وقته سجد للسهو. فلو سها عن القراءة في القيام وركع يرجع فيقرأ الفاتحة ثم يعيد الركوع ويسجد للسهو. وكذا لو سها عن القنوت قبل الركوع فركع، يعيد القنوت بعد الركوع ولا يعيد الركوع، لأن الركوع لا ينتقض بالواجب، ويسجد للسهو لتأخيره القنوت عن محله. وإذا ترك واجبًا متعمدًا، فإنه يعاقب بإعادة الصلاة، ولا ينجبر بسجود السهو قيل إلا في أربعة مواضع: -١ - ترك القعود الأول عمدًا. -٢ - الصلاة على النبي ﷺ في القعود الأول عمدًا. -٣ - تأخير إحدى سجدتي ركعة إلى ما بعدها عمدًا. -٤ - تفكره عمدًا حتى ينشغل عن مقدار ركن، فيسجد للسهو، ويسمى سجوده سجود عذر. وفيما يلي تفصيل لبعض أسباب سجود السهو: -١ - السهو عن القعود الأول: إذا قام ساهيًا عن القعود الأول إلى الركعة الثالثة، سواء كان إمامًا أو منفردًا، عاد إليه وجوبًا؛ ما لم يستوِ قائمًا، لما روى المغيرة بن شعبة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: (إذا قام الإمام في الركعتين، فإن ذكر قبل أن يستوي قائمًا فليجلس، فإن استوى قائمًا فلا يجلس ويسجد سجدتي السهو) (١) . وإن عاد بعد استوائه قائمًا، فقد اختلف في حكم الصلاة والأرجح أنها لا تفسد ويجب سجود السهو ولو عاد وقرأ التشهد، إلا أن تكون عودته إليه وهو أقرب إلى الجلوس. أما لو كان مقتديًا وجلس أمامه فيعود للمتابعة ولو استوى قائمًا، ولا يجب عليه سجود سهو لأن الإمام ضامن. أما المتنفل فكل ركعتين صلاة فيجب عليه أن يعود. -٢ - إذا سها الإمام أو المنفرد عن القعود الأخير، عاد ما لم يسجد للخامسة. بذلك وردت السنة: عاد ﷺ بعد قيامه إلى الخامسة وسجد للسهو لتأخيره فرض القعود. فإن لم يعد حتى سجد للخامسة صار فرضه نفلًا برفع رأسه من السجود ويضم سادسة، كما يضم رابعة إن كان في الفجر، ولا يسجد للسهو، ولو اقتدى به أحد حال الضم لزمه إتمام ست ركعات. أما لو قعد للتشهد، ثم قام ساهيًا، سلم واقفًا، أو يعود فيجلس ويسلم، وينتظره المقتدون جلوسًا إن كان إمامًا ولا يتابعونه في القيام. فإن سجد للخامسة دون أن يتذكر سلموا للحال وصحَّت صلاتهم ولم يبطل فرضه ويستحب أن يضم ركعة أخرى لتصير الزائدتان له نافلة ويسجد للسهو. أما لو كان منفردًا وسجد للخامسة، وكان قعد للتشهد أتمّها نفلًا، وصح فرضه، ويسجد للسهو لتأخيره السلام عن محله. -٣ - إذا سلم على رأس الثانية في صلاة رباعية أو ثلاثية ظانًّا أنه أنهى صلاته، ثم تذكر بعد أن سلم وقبل أن يأتي بمُنافٍ للصلاة أو يخرج من المسجد، عاد وأتمها ثم سجد للسهو. لما روي عن أبي هريرة ﵁ أن رسول الله ﷺ انصرف من اثنتين، فقال له ذو اليدين: أقَصُرَت الصلاة أم نَسِيت يا رسول الله؟ فقال رسول الله ﷺ: (أصدق ذو اليدين. فقال الناس: نعم. فقام رسول الله ﷺ فصلى اثنتين أُخْرَيَيْن، ثم سلّم، ثم كبر، فسجد مثل سجوده أو أطول، ثم رفع) (٢) أما لو سلم ظانًا أنه مسافر ثم تذكر أنه أقام يعيد، لأنه سلم قاصدًا إنهاء الصلاة.

(١) أبو داود: ج ١ / كتاب الصلاة باب ٢٠١/١٠٣٦. (٢) البخاري: ج ١ / كتاب السهو باب ٤/١١٧٠.

متى يسقط سجود السهو: -١ - إن طلعت الشمس بعد السلام في صلاة الفجر. -٢ - بخروج وقت الجمعة والعيدين لفوات شرط الصحة. والأفضل أن لا يسجد الإمام ولا المقتدي للسهو في صلاة الجمعة والعيدين حتى لا يشتبه الأمر على المصلين. -٣ - الحدث العمد أو العمل المنافي للصلاة. -٤ - احمرار الشمس بعد السلام من صلاة العصر تحرزًا عن المكروه. متابعة الإمام في سجود السهو: يتابع المؤتمّ إمامه في سجود السهو، سواء تابعه في سهوه أو لا، لوجوب المتابعة، ولأن رسول الله ﷺ لما سها سجد وتابعه المسلمون في سجوده، فعن عبد الله بن بحينة الأسدي ﵁ أن رسول الله ﷺ (قام في صلاة العصر وعليه جلوس، فلما أتمّ صلاته سجد سجدتين فكبر في كل سجدة وهو جالس قبل أن يسلم وسجدهما الناس معه، مكان ما نسي من الجلوس) (١) . أما لو سها المقتدي دون الإمام فلا يسجد لسهو نفسه، لأن الإمام للمصلين ضامن يرفع عنهم سهوهم وقراءتهم، لما روي عن عمر ﵁ أن النبي ﷺ قال: (ليس على من خلف الإمام سهو، فإن سها الإمام فعليه وعلى من خلفه السهو، وإن سها من خلف الإمام فليس عليه سهو والإمام كافيه) (٢) . وأما المسبوق فيسجد للسهو مع الإمام ما سُبِق به. أما لو سها بعد سلام الإمام فيسجد في آخر صلاته، ولو سجد مع إمامه. ولو سلم المسبوق مقارنًا لإمامه أو قبله ساهيًا يقوم بعد السلام ويتم ما سُبق به ولا سهو عليه، أما إن سلم بعد سلام إمامه فيلزمه أن يسجد للسهو في آخر صلاته لأنه صار منفردًا. وأما اللاحق (وهو من دخل مع الإمام في الصلاة إلا أنه فاته شيء منها أثناءها إما لغفلة أو سهو أو غير ذلك) فلا يتابع الإمام في سجود السهو بل يسجد بعد إتمام ما فاته. ولو سجد مع الإمام أعاد سجود السهو في آخر صلاته.

(١) البخاري: ج ١ / كتاب الصلاة باب ٥/١١٧٣. (٢) الدارقطني: ج ١ / ص ٣٧٧.

حكم الشك في الصلاة: -١ - إن لم يكن الشك من عادته تبطل الصلاة ويعيد، لما روي عن عبادة بن الصامت ﵁ أن رسول الله ﷺ سئل عن رجل سها في صلاته فلم يدر كم صلى قال: (ليعد صلاته وليسجد سجدتين قاعدًا) (١) . -٢ - إن شكّ صلّى أو لم يصلّ، فإنه لم يصل بناء على اليقين. وكذا لو تيقن ترك صلاة من يوم وليلة ليخرج عن العهدة بيقين. -٣ - إن شك بعد السلام أو بعد قعوده قدر التشهد فلا يعتبر شكه، لقوله تعالى: ﴿ولا تبطلوا أعمالكم﴾ (٢) . فإن تيقَّن ترك شيء أتمه. ولو أخبره عَدْل لا يعتد به إلا أن يخبره عدلان بنقض صلاته، فيُتم. -٤ - إن كثر الشك تحرىّ وأخذ بغلبة الظن، لما روى عبد الله بن مسعود ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: (إذا شكّ أحدكم في صلاته فليتحرَّ الصواب، فليُتم عليه ثم ليسلم ثم ليسجد سجدتن) (٣) . ويسجد للسهو للانشغال عن الصلاة بالتحري. -٥ - إن زاد الشك عن الحد المعقول لا يعتدّ به دفعًا للوسوسة. -٦ - إن شكَّ بالحدث وتيقَّن الطهارة فهو طاهر، أما إن شك بالطهارة وتيقَّن بالحدث فهو محدث. -٧ - إن شك في تكبيرة الإحرام، أو اختلال شرط من شروط صحة الصلاة، يعيد إن كان أوّل مرة؛ وإن كثر شكه مضى. ولو شك في تكبيرة الإحرام وكان في الركعة الأولى يعيد، وإلا فإنه يتم.

(١) مجمع الزوائد: ج ٢ / ص ١٥٣. (٢) محمد: ٣٣. (٣) أبو داود: ج ١ / كتاب الصلاة باب ١٩٦/١٠٢٠.

1 / 97