Jurisprudence of Worship According to the Hanafi School
فقه العبادات على المذهب الحنفي
ژانرونه
أوجه تأدية الحج ثلاثة وهي: القران، التمتع، الإفراد.
والدليل على جواز هذه الأوجه الثلاثة: ما روي عن عائشة ﵂ أنها قالت: (خرجنا مع رسول الله ﷺ عام حَجّة الوداع، فمنا من أهلّ بعمرة، ومنا من أهل بحجة وعمرة، ومنا من أهلّ بالحج، وأهل رسول الله ﷺ بالحج، فأما من أهلّ بالحج، أو جمع الحج والعمرة، لم يحِّلوا حتى كان يوم النحر) (١) .
وأفضل هذه الوجوه القران، ثم التمتع، ثم الإفراد. فالقران أفضل الوجوه والأدلة على ذلك:
-١ - قوله تعالى: ﴿وأتموا الحج والعمرة لله﴾ (٢)، وفسر العلماء إتمامها بالإحرام بها من دويرة أهله، لما روي عن أبي هريرة ﵁ عن النبي ﷺ في قوله ﷿: ﴿وأتموا الحج والعمرة لله﴾ قال: (من تمام الحج أن تحرم من دويرة أهلك) (٣)، وهذا لا يتحقق إلا إذا أهلَّ بهما معًا.
-٢ - ما روي عن عمر بن الخطاب ﵁ قال: سمعت النبي ﷺ بوادي العقيق يقول: (أتاني الليلة آتٍ من ربي فقال: صلِّ في هذا الوادي المبارك، وقل: عُمرة في حجة) (٤) . وعن أنس ﵁ قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: (لبيك بعمرة وحج) (٥) .
-٣ - عمل الرسول ﷺ في حجته فقد صدر بنسكين معًا، فعن مروان بن الحكم قال: شهدت عثمان وعليًا ﵄، وعثمان ينهى عن المتعة، وأن يُجمع بينهما، فلما رأى عليُّ أهلَّ بهما: لبيك بعمرة وحجة، قال: "ما كنت لأَدع سُنَّة النبي ﷺ لقول أحد" (٦) .
-٤ - ولأن القران جمعًا بين عبادتين، وتعجيلًا بالإحرام واستدامة له إلى الفراغ من أعمال الحج.
(١) البخاري: ج ٢ / كتاب الحج باب ٣٣/١٤٨٧.
(٢) البقرة: ١٩٦.
(٣) البيهقي: ج ٥ / ص ٣٠.
(٤) البخاري: ج ٢ / كتاب الحج باب ١٥/١٤٦١.
(٥) مسلم: ج ٢ / كتاب الحج باب ٣٤/٢١٥.
(٦) البخاري: ج ٢ / كتاب الحج باب ٣٣/١٤٨٨.
أولًا - القران:
معناه: لغة: الجمع بين شيئين.
شرعًا: أن يهلّ بالعمرة والحج معًا من الميقات أو من دويرة أهله: حقيقة أو حكمًا. ولا يكون القران إلا للآفاقي.
ويكون القران بالإهلال حقيقة، بأن ينوي الحج والعمرة معًا فيقول: اللهم إني أريد الحج والعمرة فيسرهما لي وتقبلهما مني. لبيك اللهم بعمرة وحجة معًا.
ويكون القران بالإهلال حكمًا، بأن يدخل الحج على العمرة قبل أن يطوف أكثر طواف العمرة، أو يدخل العمرة على الحج قبل طواف القدوم.
كيفيته:
إذا دخل مكة طاف للعمرة أولًا ثم يسعى لها، ثم تبدأ أفعال الحج فيطوف للحج طواف القدوم ثم يسعى له. ويقدم أفعال العمرة دائمًا على أفعال الحج، إلا أنه لا يحلق للعمرة حتى يوم النحر، لأن ذلك جناية على إحرام الحج. فعن عائشة ﵂ قالت: (خرجنا مع رسول الله ﷺ عام حجة الوداع، فأهللنا بعمرة. ثم قال رسول الله ﷺ: من كان معه هدي فليهل بالحج مع العمرة، ثم لا يحل منهما جميعًا) (١) . ولا تداخل في أفعال الحج والعمرة بل لابد من إتمام أفعال كل منهما.
(١) مسلم: ج ٢ / كتاب الحج باب ١٧/١١١.
دم القران:
يجب على القارن دم القران، وهو دم شكر لله تعالى فيذبح الهدي ويأكل منه، ويختص الذبح للقارن والمتمتع بأيام النحر الثلاثة وأفضلها أولها. فإن لم يجد صام ثلاثة أيام ولو متفرقة في الحج، ويندب أن يكون آخرها يوم عرفة، وسبعة بعد تمام أيام الحج وهي نهاية أيام التشريق، سواء في مكة أم بعد رجوعه إلى وطنه، لأن معنى قوله تعالى: ﴿وسبعة إذا رجعتم﴾ (١): إذا فرغتم من أيام الحج. فإن لم يصم ثلاثة أيام قبل الوقوف بعرفة تحتم الدم في حقه، فإذا مضت أيام النحر ولم يقدر على الذبح تحلل وعليه دمان: دم القران ودم لتقديم الحلق على الذبح. وإذا صام الأيام الثلاثة قبل يوم عرفة ثم قدر على الدم أيام النحر قبل الحلق، بأن وصلت إليه أموال، وجب الدم في حقه، أما لو قدر على الدم بعد الحلق لم يلزمه شيء لأن التحلل قد حصل.
(١) البقرة: ١٩٦.
ثانيًا - التمتع:
معناه: لغة: من المتاع أو المتعة.
شرعًا: أن يفعل العمرة في أشهر الحج في سنته وفي السفر نفسه.
كيفيته:
يدخل المكلف مكة بعمرة فيطوف لها ويسعى ثم يحلق ويتحلل، ويبقى في مكة حتى يوم التروية فيحرم بالحج من الحرم، ثم يخرج إلى منى وعرفات، ويرجع يوم النحر إلى مكة فيطوف طواف الركن ويرمل فيه، ثم يسعى بعده إن لم يكن طاف وسعى قبل خروجه إلى عرفات.
ودليل ذلك ما روي عن جابر ﵁: أنه حج مع النبي ﷺ يوم ساق البدن معه، وقد أهلوا بالحج مفردًا، فقال لهم: (أحِلّوا من إحرامكم بطواف البيت وبين الصفا والمروة، وقصروا، ثم أقيموا حلالًا، حتى إذا كان يوم التروية فأهلوا بالحج، واجعلوا التي قدمتم بها متعة) (١) .
(١) البخاري: ج ٢ / كتاب الحج باب ٣٣/١٤٩٣.
دم التمتع:
يجب على المتمتع دم إذا تحقق تمتعه بشروط:
-١ - أن يكون قد أدى العمرة في أشهر الحج.
-٢ - أن يكون الحج والعمرة في سنة واحدة، أي أدى العمرة أولًا ثم أحرم بالحج.
ولا يسقط دم التمتع بخروج المتمتع من الحرم ومجاورته للميقات، إلا إذا ألم بأهله إلمامًا صحيحًا؛ وذلك برجوعه إلى بلده بعد أداء عمرته ثم حج من عامه. أما لو أتى الآفاقي بالعمرة في أشهر الحج ثم ذهب إلى المدينة ثم حج بعد ذلك من عامه لم يبطل تمتعه وعليه دم. وإذا نوى الإقامة بعد أداء عمرته ثم حج من سنته، فيكون متمتعًا وعليه دم. أما لو نوى الاستيطان الدائم بعد أداء العمرة فلا يكون متمتعًا.
ودم التمتع كدم القران لا يصح قبل يوم النحر. فإن لم يجد الهدي صام ثلاثة أيام في الحج قبل يوم النحر، وتصح بعد إحرامه بالعمرة إلى يوم عرفة والأفضل تأخيرها ليكون آخر يوم منها يوم عرفة، فلو أخرها عن يوم النحر لم يجز وثبت في حقه الدم؛ لأنه لا يجوز صومها أيام النحر ولا تصح بعدها. فإن صام ثلاثة أيام قبل يوم النحر صام سبعة بعد إتمام الحج. وأصل ذلك قوله تعالى: ﴿فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة﴾ (١) .
وإذا أحرم بالعمرة وساق الهدي صح لكنه لا يتحلل حتى يوم النحر، فيذبح هديه ويتحلل يوم النحر، ويختلف بذلك عن القارن أنه إذا جنى جناية بعد إتمام أعمال العمرة والدخول بالحج فعليه دم واحد بخلاف القارن فعليه دمان.
(١) البقرة: ١٩٦.
ثالثًا - الإفراد:
وهو أن يدخل مكة محرمًا بالحج فقط، فيؤدي أركان الحج وواجباته، وعندما تنتهي أفعال الحج وتنتهي أيام التشريق، يحرم بالعمرة من التنعيم أو من أي مكان من الحل، ثم يطوف ويسعى ويحلق ثم يتحلل ولا يلزمه شيء.
1 / 194