115

Jurisprudence of Worship According to the Hanafi School

فقه العبادات على المذهب الحنفي

ژانرونه

سمي العيد بذلك لأنه يعود ويتكرر بالفرح والسرور كل عام، ولأن الله يعود فيه بالإحسان على عباده.
حكم صلاة العيدين:
واجبة على من تجب عليه صلاة الجمعة، ثبت وجوبها بمواظبة النبي ﷺ عليها من غير ترك.
دليلها: قوله تعالى: ﴿فصل لربك وانحر﴾ (١) قيل المراد بالصلاة هي صلاة العيد الأضحى. وقوله تعالى: ﴿قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى﴾ (٢) أي صلاة عيد الفطر.

(١) الكوثر: ٢.
(٢) الأعلى: ١٤ - ١٥.
شروط وجوبها:
هي الشروط ذاتها في وجوب الجمعة.
شروط صحتها:
هي شروط صحة الجمعة إلا الخطبة فهي سنّة لأنها بعد الصلاة بخلاف الجمعة.
ما يسن لمصلي العيد:
-١ - أن يأكل ثلاث تمرات أو قطع حلوى قبل الخروج إلى الصلاة في عيد الفطر، لحديث أنس ﵁ قال: (كان رسول الله ﷺ لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات) (١) وفي رواية أخرى: (ويأكلهن وترًا) . وأن لا يأكل شيئًا قبل صلاة عيد الأضحى حتى يعود، فيذبح ويأكل من أضحيته، لحديث بريدة ﵁ قال: (كان النبي ﷺ لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم، ولا يطعم يوم الأضحى حتى يصلي) (٢) .
-٢ - أن يغتسل، ويستوي في ذلك الذاهب إلى الصلاة والقاعد، لأنه يوم الزينة والغسل لليوم فقط، لحديث الفاكه بن سعد، وكانت له صحبة (أن رسول الله ﷺ كان يغتسل يوم الفطر ويوم النحر ويوم النحر، وكان الفاكه يأمر أهله بالغسل في هذه الأيام) (٣) .
-٣ - أن يتطيب ويلبس أحسن ثيابه، لما روي عن جابر ﵁ أن رسول الله ﷺ (كان يلبس بُرْدَه الأحمر في العيدين والجمعة) (٤) وعن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده ﵁ أن النبي ﷺ (كان يلبس بُرْدًا حَبَرَة في كل عيد) (٥) .
-٤ - الاستياك، لحديث ابن السباق أن رسول الله ﷺ قال في جمعة من الجمع: (يا معشر المسلمين إن هذا يوم جعله الله عيدًا للمسلمين فاغتسلوا، ومن كان عنده طيب فلا يضره أن يمسّ منه، وعليكم بالسواك) (٦) .
-٥ - أن يُظهِر الفرح والبشاشة لمن لقيه، لما روي عن حبيب بن عمر الأنصاري قال: حدثني أبي قال: "لقيت واثلة يوم عيد فقلت تقبّل الله منا ومنك. فقال: تقبل الله منا ومنك" (٧) .
-٦ - أن يكثر من الصدقة في ذلك اليوم، وأن يؤدي صدقة الفطر قبل الصلاة لمن وجبت عليه.
-٧ - أن يبكر ويسارع إلى الصلاة نشيطًا ماشيًا بسكون ووقار، وأن يكبر سرًا عند الإمام وعندهما يكبر جهرًا. لحديث علي ﵁ قال: "من السنة أن تخرج إلى العيد ماشيًا" (٨) .
-٨ - أن يذهب من طريق ويرجع من آخر لتشهد عليه الملائكة، لحديث جابر ﵁ قال: "كان النبي ﷺ، إذا كان يوم عيد، خالف الطريق) (٩) .
-٩ - أن لا يتنفَّل قبلها مطلقًا ولا بعدها في المسجد، لحديث ابن عباس ﵄ أن رسول الله ﷺ (خرج يوم أضحى أو فطر. فصلى ركعتين. لم يصل قبلها ولا بعدها) (١٠) أي في المسجد، وعن أبي سعيد الخدري ﵁ قال: (كان رسول الله ﷺ إذا رجع من المصلى صلى ركعتين) (١١) .

(١) البخاري: ج ١ / كتاب العيدين باب ٤/٩١٠.
(٢) الترمذي: ج ٢ / كتاب الصلاة باب ٣٩٠/٥٤٢.
(٣) ابن ماجة: ج ١ / كتاب إقامة الصلاة باب ١٦٩/١٣١٦.
(٤) البيهقي: ج ٣ / ص ٢٨٠.
(٥) البيهقي: ج ٣ / ص ٢٨٠، والحَبَرَة والحَبِرَة: الموشى والمخطط. وهو برد يماني.
(٦) الموطأ: ص ٥٣.
(٧) مجمع الزوائد: ج ٢ / ص ٢٠٦.
(٨) الترمذي: ج ٢ / كتاب العيدين باب ٣٨٢/٥٣٠.
(٩) البخاري: ج ١ / كتاب العيدين باب ٢٤/٩٤٣.
(١٠) مسلم: ج ٢ / كتاب العيدين باب ٢/١٣.
(١١) المستدرك: ج ١ / ص ٢٩٧.
وقت صلاة العيد:
من ارتفاع الشمس في السماء قدر رمح أو رمحين إلى ما قبل الزوال. ولو صلاها قبل وقتها كانت نفلًا محرمًا. ويستحب تعجيل الصلاة في عيد الأضحى وتأخيرها قليلًا في عيد الفطر، لما روي عن أبي الحويرث ﵁ أن رسول الله ﷺ كتب إلى عمرو بن حزم وهو بنجران: (عَجِلّ الأضحى وأخِّر الفطر) (١) .

(١) البيهقي: ج ٣ / ص ٢٨٢.
كيفية صلاة العيد:
-١ - أن ينوي الإمام صلاة العيد بقلبه ويقول بلسانه: أصلي صلاة العيد لله تعالى. وينوي المؤتم صلاة العيد مع المتابعة أيضًا وإن كانت نية الشروع مع الإمام تكفيه. ثم يكبرا للتحريم.
-٢ - أن يقرأ الإمام والمؤتم دعاء الثناء.
-٣ - أن يكبّر الإمام والمؤتم ثلاث تكبيرات بينهما سكتة قصيرة بمقدار قولهما: "سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر". ويرفعا أيديهما عند كل تكبيرة. فعن بكر بن سوادة أن عمر بن الخطاب ﵁ "كان يرفع يديه مع كل تكبير في الجنازة والعيدين" (١) .
-٤ - أن يتعوّذ الإمام ويسمي سرًا ثم يقرأ الفاتحة وسورة، ويندب أن تكون سورة ﴿سبح اسم ربك الأعلى﴾ لما روي عن النعمان بن بشير ﵁ قال: (كان رسول الله ﷺ يقرأ في العيدين وفي الجمعة بـ ﴿سبح اسم ربك الأعلى﴾ و﴿هل أتاك حديث الغاشية﴾) (٢) .
-٥ - ثم يركع الإمام ويتبعه القوم.
-٦ - أن يقوم للركعة الثانية فيبدأ بالبسلة ويقرأ الفاتحة وسورة، ويندب أن تكون سورة: ﴿هل أتاك حديث الغاشية﴾ للحديث المذكور.
-٧ - أن يكبر الإمام والقوم ثلاث تكبيرات قبل الركوع، ولو زاد الإمام تابعه المقتدي ما لم يتجاوز أكثر ما ورد أي ست عشرة تكبيرة.
-٨ - يخطب الإمام بعد الصلاة خطبتين يُعلِّم المسلمين في الأولى أحكام صدقة الفطر أو الأضحية وتكبيرات التشريق، ويبدأ خطبته بتسع تكبيرات. وذلك لما روي عن أبي سعيد الخدري ﵁ قال: (كان النبي ﷺ يخرج يوم الفطر ويوم الأضحى إلى المصلى، فأول شيء يبدأ به الصلاة، ثم ينصرف فيقوم مقابل الناس، والناس جلوس على صفوفهم فيعظهم ويوصيهم) (٣) .
وعن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال: "السنة في تكبير يوم الأضحى والفطر على المنبر قبل الخطبة أن يبتدئ الإمام قبل الخطبة وهو قائم على المنبر بتسع تكبيرات تترى لا يفصل بينها بكلام. ثم يخطب ثم يجلس جلسة ثم يقوم في الخطبة الثانية فيفتتحها بسبع تكبيرات تترى لا يفصل بينها بكلام ثم يخطب" (٤) .
-٩ - أن يجلس الإمام جلسة خفيفة بين الخطبتين، ثم يكبر في الخطبة الثانية سبعًا ويكبر المصلون سرًا.
ومن فاتته صلاة العيد مع الإمام فلا يقضيها منفردًا، بل يصلي أربع ركعات سنة الضحى وينصرف، لما روي عن عبد بن مسعود ﵁ قال: "من فاتته العيد فليصل أربعًا" (٥) .
ولا تؤخر صلاة العيد عن وقتها إلا لعذر، فتؤخّر لليوم الثاني فقط، فعن أبي عمير بن أنس عن عمومة له من أصحاب رسول الله ﷺ"أن ركبًا جاؤوا إلى النبي ﷺ يشهدون أنهم رأوا الهلال بالأمس. فأمرهم أن يفطروا وإذا أصبحوا أن يغدوا إلى مصلاهم" (٦) وتؤخر صلاة الأضحى إلى ثلاثة أيام.
ويكره الخروج بقصد التَّشبُّه بالواقفين بعرفة لأنه بدعة واختراع في الدين.

(١) البيهقي: ج ٣ / ص ٢٩٣.
(٢) مسلم: ج ٢ / كتاب الجمعة باب ١٦/٦٢.
(٣) البخاري: ج ١ / كتاب العيدين باب ٦/٩١٣.
(٤) البيهقي: ج ٣ / ص ٢٩٩.
(٥) مجمع الزوائد: ج ٢ / ص ٢٠٥، رواه الطبراني في الكبير.
(٦) أبو داود: ج ١ / كتاب الصلاة باب ٢٥٥/١١٥٧.
تكبيرات التشريق:
حكم التشريق:
واجب على المسلم البالغ لقوله تعالى: ﴿واذكروا الله في أيام معدودات﴾ (١) .

(١) البقرة: ٢٠٣.
وقته:
من بعد صلاة الفجر يوم عرفة إلى ما بعد صلاة العصر من آخر أيام التشريق عند الصاحبين وبقولهما يعمل وعليه الفتوى، لما روي عن جابر ﵁ قال: (كان رسول الله ﷺ إذا صلى الصبح من غداة عرفة يقبل على أصحابه فيقول: على مكانكم ويقول: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر. ولله الحمد. فيكبر من غداة عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق) (١) . أما عند الإمام أبي حنيفة فوقته من بعد صلاة فجر عرفة إلى عقب عصر اليوم الأول من أيام العيد.

(١) الدارقطني: ج ٢ / ص ٥٠.
مقداره:
مرة واحدة على الأقل بعد كل فرض. فلا يجب بعد النَّفل والوتر وصلاة الجنازة.
على من يجب:
أ - عند الإمام أبي حنيفة: يجب التكبير على الإمام المقيم بمِصْر، فور كل فرض أدي بجماعة مستحبة، وعلى كل من اقتدى به، ولو كان المقتدي مسافرًا، أو رقيقًا، أو امرأة وتخفض المرأة صوتها دون الرجال. روى البيهقي بسنده عن ابن عمر وأنس بن مالك ﵃ "في تكبيرهم يوم عرفة عند الغدو من منى إلى عرفة وكانوا مسافرين" (١)، وروى أيضًا بسنده عن أم عطية ﵂ "في الحيّض يخرجن يوم العيد فيكن خلف الناس يكبرن مع الناس. وكانت ميمونة ﵂ تكبر يوم النحر. وكان النساء يكبرن خلف أبان بن عثمان وعمر بن عبد العزيز ليالي التشريق مع الرجال في المسجد" (٢) . ويجب على المسبوق التكبير لأنه مقتدٍ حكمًا. والمحرم يكبر ثم يلبي.
ولا يفتقر التكبير إلى طهارة أو إلى تكبير الإمام عند الإمام أبي حنيفة ﵀.
ب - عند الصاحبين: يجب التكبير فور كل صلاة فرض سواء صلى منفردًا أو جماعة، مسافرًا أو مقيمًا، لأنه تَبَعٌ للفريضة، وبقولهما يُعمل وعليه الفتوى، وللأمر بذكر الله تعالى في الأيام المعلومات (عشر ذي الحجة) والمعدودات (أيام التشريق) . ولا بأس في التكبير عَقِب صلاة العيدين.

(١) البيهقي: ج ٣ / ص ٣١٦.
(٢) البيهقي: ج ٣ / ص ٣١٦.
كيفيته:
أن يكبّر جماعة.
صيغته: "الله أكبر الله أكبر. لا إله إلا الله. الله أكبر الله أكبر. ولله الحمد". لما روي عن جابر ﵁ في الحديث المتقدم قال: كان رسول الله ﷺ إذا صلى الصبح من غداة عرفة يقبل على أصحابه فيقول: (على مكانكم ويقول: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد) (١) .
ويزيد عليها إن شاء: "الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله وبحمده بُكرة وأصيلا، لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، مخلصين له الدين ولو كره الكافرون. اللهم صلِّ على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد وعلى أصحاب سيدنا محمد وعلى أزواج سيدنا محمد وعلى ذرية سيدنا محمد وسلِّم تسليمًا كثيرا".
ويندب التكبير في الأيام المعلومات وهي عشر ذي الحجة، لما روي عن أبي هريرة وابن عمر ﵃ "أنهما كانا يخرجان إلى السوق أيام العشر، يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما" (٢) .

(١) الدارقطني: ج ٢ / ص ٥٠.
(٢) البخاري: ج ١ / كتاب العيدين باب ١١.

1 / 115