فرد حمزة وهو ينظر إليها ويتأمل أنفها الصغير الذي احمرت قمته المدببة من البرد: آه. - وفيه متطوعين كتير؟ - مش كتير، إنما كل يوم بيكتروا، بكرة دي كلها حتتملي طوابير وتمرينات. - ومين اللي حيدرب؟ - ضباط متطوعين. - منين؟ - من الجيش. - بس ده إيه؟ بتصريح؟ - هو فيه حاجة اسمها تصاريح! - يعني الحكومة تسكت؟ - هو فيه حكومة؟ - ألله! طبعا! أمال مين اللي بيحكم؟ - إحنا، إحنا اللي بنحكم، الشعب.
وحملقت فيه فوزية برهة وكأنها لا تصدق.
وكان سعد في هذه الأثناء قد تركهم وراح يقفز من فوق الموانع الخشبية ويتفرج على الخندق، وينام على بطنه عند تبة ضرب النار ممسكا ببندقية وهمية، فقالت فوزية: أما غريبة قوي سعد، شوف بيعمل إيه؟ - آه، هو متحمس.
ثم سكت هنيهة وقال: ألا قولي لي يا آنسة فتحية، انتو اديتو سعد تبرعات؟ - أصدك فوزية، أنا اسمي فوزية.
واحمرت أذنا حمزة احمرارا شديدا وتلعثم كيانه.
وأضافت فوزية: بس أنا جاية مخصوص علشان أعمل علاقة مباشرة مع لجنتكم؛ لأن هدف لجنتنا الأساسي هو خدمة الكفاح المسلح.
وقال حمزة باهتمام وبحرص وهو لا يزال يؤنب نفسه: كويس أوي. - واحنا كنا لمينا شوية فلوس عشان نشتري بيهم إسعافات طبية للفدائيين، إنما الظاهر إنكو انتم في حاجة أكثر للفلوس دي. - الحقيقة ان احنا دايما في حاجة لفلوس. - طيب ممكن أقابلك بكرة وأديهملك. - ممكن جدا. - فين؟ - أيوه يا ستي.
وأخرج حمزة مفكرة صغيرة من جيبه قلب أوراقها، ثم رفع رأسه ولمعت نظارته بشعاع من أشعة الشمس استطاع اقتحام السحب والنفاذ من بينه، وقال: تقدري تيجي هنا؟
وفكرت فوزية لحظة ثم قالت: الساعة اربعة. - يناسبني جدا.
ثم رفع حمزة صوته ونادى على سعد وانتحى به مكانا وظلا يتهامسان فترة، ثم شد على يده مودعا وكذلك فعلت فوزية، ولاحظ حمزة أنها تسلم بقوة غريبة على بنات جنسها وكأنها صديق قديم.
ناپیژندل شوی مخ