أما ناقلات البترول فهي أكثر السفن الحالية تخصصا في العالم؛ إذ هي عبارة عن مجموعة كبيرة من الخزانات التي يضخ إليها البترول الخام أو المكرر، وتقوم بنقله من ميناء التصدير إلى موانئ الاستهلاك الرئيسية في أمريكا وأوروبا واليابان.
وتكون ناقلات البترول في الوقت الحاضر أضخم سفن بناها الإنسان على سطح البحار، فإذا كانت حمولات السفن الكبيرة في المتوسط تصل إلى نحو 50 ألف طن، فإن ناقلات البترول قد تجاوزت هذه الحمولة منذ فترة طويلة نسبيا، ويبلغ متوسط حمولة الناقلات الضخمة الآن أكثر من مائة ألف طن. وهناك ناقلات يابانية وفرنسية تزيد عن مائة وخمسين ألف طن، وناقلات يابانية تزن أكثر من 250 ألف طن.
2
وتبني اليابان الآن ناقلة تزيد عن ثلث مليون طن! ومع ذلك فهناك أقزام صغيرة محلية لنقل البترول تصل إلى أقل من عشرة آلاف طن.
ولا شك أن ضخامة الناقلات تؤدي إلى خفض أسعار النقل بشكل ملحوظ، وهذا هو انعكاس مباشر للاحتياج الشديد للإنسان والصناعة الحالية في كل مكان إلى البترول كمصدر سهل للطاقة بالقياس إلى الفحم الذي يأخذ حيزا كبيرا داخل سفن النقل؛ ومن ثم تنخفض أجور نقل الطاقة السائلة بالقياس إلى الطاقة الجافة، كذلك فإن بناء هذه الناقلات الضخمة تمليه احتياجات الدول الصناعية الكبيرة التي تفتقر إلى مصادر محلية للوقود، وعلى رأس هذه الدول اليابان وأوروبا الغربية.
لكن البترول كمصدر للطاقة، ومولد لحركة الكثير من وسائل النقل السطحي (القطارات والسيارات) والنقل الجوي، قد أصبح جزءا لا يتجزأ من الحضارة الصناعية منذ أوائل هذا القرن. ومهما قيل عن قصر عمر البترول، فإن التقديرات الكثيرة التي ذكرت منذ السنوات العشرين الماضية لم تنته إلى الوضع المتشائم الذي أعلن من قبل عدة مرات؛ فالبترول ما زال موجودا وكمية إنتاجيه تتزايد نتيجة الضخ الأكبر، ونتيجة الكشوف المستمرة لحقول البترول الجديدة في مختلف جهات العالم. ويترتب على ذلك أن كمية استهلاكه تتزايد بوضوح في كل الدول المتقدمة والمتخلفة على حد سواء.
إن اعتماد العالم على البترول يتزايد وسيظل كذلك فترة غير معروفة في المستقبل، ومن ثم كان التقدم الشديد في صناعات ناقلات البترول لكي تتمكن عمليات النقل بالوفاء باحتياجات الصناعة والخدمات العالمية.
ولكن ضخامة ناقلات البترول الجديدة ومدى اقتصاديات تسييرها وصعوبة التحكم في مناورتها داخل الموانئ وخارجها من الناحية الملاحية، واحتياجها إلى منشآت خاصة في موانئ التعبئة والشحن، أو موانئ التفريغ، والأخطار الناجمة عن الحرائق وتلوث مياه البحر في حالات الكوارث المتعددة الأسباب، تحتاج إلى أجهزة أمن أرضية وبحرية أضخم مرات ومرات عما هي عليه اليوم أحجام أجهزة الأمن البحرية. وهذه كلها تكون مشكلات كثيرة، لكن المعروف أن الأضرار الناجمة عن التقدم لها دائما حلول ناجحة، ولو بعد حين.
كذلك من المشكلات الرئيسية الناجمة عن الناقلات العملاقة هذه، أنها لا بد وأن تتجنب المرور في الطرق الملاحية القصيرة التي تعبر كلا من قناتي السويس وبنما؛ ذلك أن هاتين القناتين لم تحفرا بالطريقة التي يمكن أن تسمح بمرور مثل هذا الغاطس الكبير للسفن الضخمة. وقد يصبح تعميق وتوسيع هاتين القناتين من أجل تسيير الناقلات العملاقة استثمارا غير اقتصادي؛ لأن عائد هذا المرور أقل من تكلفة أعمال التوسيع والتعميق المستمرة.
وعلى أية حال، فإن تكلفة النقل القليلة في الناقلات الضخمة تسمح لها بأن تسير في البحار حول أفريقيا وأمريكا الجنوبية دون الاحتياج إلى المرور في القنوات المشار إليها. وكذلك يمكن أن تحل المشكلة جزئيا بواسطة خطوط من أنابيب البترول تنشأ عند بداية ونهاية القنوات الملاحية؛ مما يؤدي إلى إمكان ضخ البترول من السفن العملاقة من جهة، وإعادة ضخه من الأنابيب إلى سفن مماثلة عند النهاية الأخرى لخط الأنابيب، وقد لجأت مصر إلى هذا الحل عندما أعلنت مشروعها لإنشاء خط أنابيب من السويس إلى غرب الإسكندرية في عام 1973.
ناپیژندل شوی مخ