جغرافیه النقل

محمد رياض d. 1450 AH
149

جغرافیه النقل

جغرافية النقل

ژانرونه

وفي بقية القارات تصبح خلفية الموانئ بسيطة أو مركبة تركيبا بسيطا، مثلا قد يكون هناك تنافس بسيط بين الإسكندرية وبور سعيد والسويس، لكن خلفية الإسكندرية عادة ما تمتد إلى أسوان، وفي أحيان تمتد إلى شمال السودان، هنا يحدث صراع بين الإسكندرية وبور سودان على تجارة شمال السودان، ويساعد على تحديد التنافس مصدر التجارة أو وجهتها؛ فالإسكندرية تطل على البحر المتوسط وأوروبا، بينما بور سودان أكثر اتجاها إلى المحيط الهندي واليابان، ومع ذلك فإن نقص شبكة المواصلات الحديدية بين أسوان ووادي حلفا (شمال السودان) يجعل المنافسة غير واضحة، هذا بالإضافة إلى أن هذه الجزء من السودان قليل السكان (= سوق محدودة)، غير متقدم (= سوق محدودة) قليل الإنتاج (= تجارة صادرات وواردات محدودة أيضا).

وإذا قارنا هذا المثال المحدود بمثال آخر في منطقة شبكة نقل كثيفة متكاملة في أوروبا، فإننا نجد الفوارق ضخمة والمنافسة حادة من أجل جذب التجارة من ميناء إلى آخر؛ فالصراع شديد بين موانئ هامبورج وروتردام من ناحية وتريستا وجنوا من ناحية أخرى على تجارة وسط أوروبا (تشيكوسلوفاكيا والنمسا وسويسرا وجنوب ألمانيا). وكذلك هنا يتقرر الصراع بتأثير مصدر أو اتجاه البضائع والأشخاص. ولكننا نضيف إلى ذلك نوع وسيلة النقل السائدة (سريعة/بطيئة) وأيضا مدى التسهيلات المعطاة في ميناء لتجارة دولة أو أخرى بالنسبة للتسهيلات التي يقدمها ميناء آخر، وهو ما يؤدي إلى اتفاقيات خاصة بين سلطات الميناء والدولة المعنية من أجل تسهيل مرور تجارتها، وهنا تتدخل التيارات والاتجاهات السياسية في تقرير مثل هذه الاتفاقيات بصورة أو أخرى، فمثلا كانت هامبورج تتعامل في كثير من تجارة تشيكوسلوفاكيا، لكن بعد أن تحولت تشيكوسلوفاكيا إلى مجموعة الدول الشرقية تحول جزء كبير من تجارتها إلى موانئ ألمانيا الشرقية. وهناك أمثلة عديدة على دور السياسة في اتجاه التجارة. وقد سبقت الإشارة إلى بعضها في الفصول السابقة. (8) صناعة السفن

إن السيطرة التي تمارسها كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي على صناعة بناء الطائرات، وضعف دورهما في صناعة بناء السفن، التي احتكرتها دول أوروبا الشمالية الغربية واليابان حاليا، لهي حقيقة تعكس بعض الظروف الخاصة بكل منهما؛ فمعظم السفن تبنى لحساب شركات ملاحية خاصة تعمل في جو من المنافسة الدولية؛ ومن ثم فإن هذه الشركات الملاحية تقدم طلباتها حيث تجد أحسن العروض المواتية في داخل بلادها أو خارجها؛ ومن ثم أصبح من الشائع في صناعة بناء السفن أن تكون - في جزء كبير من أعمالها - صناعة للتصدير. أما أبحاث الفضاء والملاحة الجوية فإنها أعمال خاصة بالدولة وتتضمن الكثير من الأسرار الاستراتيجية؛ مما يؤدي إلى اهتمام خاص بها من جانب الدولتين العملاقتين. ونظرا للتكلفة العالية في هذه الاتجاهات فإنها لا تصبح صناعة تصدير إلا في القطاع الخاص ببناء الطائرات التجارية.

ولفترة طويلة احتكرت بعض دول أوروبا الغربية، وخاصة بريطانيا، بناء السفن، ولكن إلى جانبها كانت هناك صناعة سفن على نطاق كبير في فرنسا وألمانيا وهولندا والنرويج. وبعد الحرب الثانية مباشرة حدثت تطورات خطيرة في شمال غرب أوروبا؛ فقد تدهورت صناعة بناء السفن البريطانية في مقابل نمو هائل في نفس الصناعة في دول اسكندنافيا، لكن هذا التطور سرعان ما طغى عليه نمو اليابان في صناعة بناء السفن بصورة مذهلة تبوأت معها صدارة الدول في هذا المضمار.

وتتركز صناعة السفن البريطانية في منطقتين؛ الأولى في ساحلها الشمالي الشرقي (منطقة مركزها نيوكاسل) والثانية في الساحل الشمال الغربي (على نهر الكلايد ومركزها جلاسجو)، والمراكز الرئيسية في المنطقة الشمالية الشرقية كانت تضم أسماء مدن كثيرة منها بليث والتين الأدنى وهبورن وسندرلاند والتيز الأدنى. وعند بداية هذا القرن كانت هذه المنطقة تنتج نصف حمولة السفن الإنجليزية وثلث حمولة السفن العالمية، وفي نهاية الخمسينيات كانت هذه المنطقة تصنع 45٪ من حمولة السفن الإنجليزية. وكانت بذلك ولفترة طويلة، أكبر منطقة مركزية في العالم في صناعة السفن، تليها مباشرة منطقة هامبورج ثم منطقة كلايد وأخيرا منطقة جوتبورج (السويد) أرقام سنة 1959.

أما منطقة الكلايد فقد بدأت بنمو صناعة السفن الحديدية، بينما كانت منطقة الشمال الشرقي ذات تقليد قديم في صناعة السفن الخشبية، ولقد ظلت منطقة الكلايد معروفة بأنها أكثر أنهار العالم شهرة في بناء السفن حتى عام 1950 حين تفوقت عليها منطقة مصب الألب (هامبورج) وجوتا ألف (جوتبورج). وقد بنت منطقة الكلايد عددا من السفن الضخمة الذائعة الصيت مثل «كوين ماري» و«كوين إليزابث».

وإلى جانب هاتين المنطقتين الإنجليزيتين فقد كانت هناك صناعة سفن جيدة في بلفاست (أيرلندا الشمالية) وبيركنهد (قرب ليفربول) «وبار إن فيرنس» (ولاية كمبرلند شمال ليفربول). ولم يكن على مصب التيمز ومنطقة لندن أية صناعة للسفن تستحق الذكر؛ فلقد تدهورت صناعة السفن في هذه المنطقة منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر (بعد نمو السفن الحديدية)، بينما نمت هذه الصناعة في الشمال الشرقي على أساس وجود الفحم المحلي في منطقة نيوكاسل.

ومنذ عام 1929 لم تزد الحمولة من السفن الجديدة التي تصنعها ترسانات بريطانيا عن مليون ونصف مليون طن سنويا، بينما بلغت الحمولة السنوية في العالم 10,3 ملايين طن عام 1964. وهناك استثناءات محدودة تخطت فيها بريطانيا أرقام 1929؛ ففي سنوات 1913 و1920 كانت الحمولة الجديدة السنوية أكثر من مليوني طن، والدليل على مدى نمو صناعة السفن في العالم وجمود موقف بريطانيا ثم تخلفها، هو أن مجموع الحمولة السنوية في عام 1980 كان في العالم 1,2 مليون طن أنتجت منه بريطانيا مليون طن وحدها (انظر شكل

4-3 ).

شكل 4-3: تطور مساهمة الدول الرئيسية في بناء السفن.

ناپیژندل شوی مخ