جداد و قدماء: دراسات او نقد او خبرې اترې
جدد وقدماء: دراسات ونقد ومناقشات
ژانرونه
ولا نزال نذكر بالفخر موقفك النبيل عبر البحر المتوسط، غير ناسين أنك باهيت بثقافة هذا البحر، الحق معك يا سيدي ، أترى دول أوروبا العظمى تحوم حول هذا الحوض تدعيه، وتنسى أنت أيامنا الغر على شاطئيه الشرقي والغربي؟ ألا تذود عن حوضنا ولو بالكلام؟
أراني فهمت كلمتك الشهيرة على غير الوجه الذي فهمه بعضنا، أدركت أنك تقول للغرب: ولئن كنا اليوم أمة صغيرة نحضر هذا المعرض بتواضع عميق، فلا تنسوا أننا كنا السابقين في هذا الميدان، فاستعمرنا الدنيا وعمرناها، كنا معرضا جوالا فتنت العالم محصولاته، وكسا ملوك الشرق الغرب برفيرا وأرجوانا.
نعلم وتعلم أنك قلت لأوروبا: لئن فاتنا الغاز الخانق ولم يكن لنا طائرات ومدرعات وغواصات فما فاتتنا الثقافة، ولم ينقصنا الاختراع، فصيرنا البحر طرقا معبدة فذل لنا وخضع.
ما وجدت مجالا للفخر بالسلاح المدمر فطاولت بنبوغ أمتك، الذي عجز الدهر عن طمسه بعد ألوف السنين، وكيف لا تطاول بهؤلاء النوابغ وأنت واحد منهم إن شاء الله.
فكرت بهذا يا سيدي ورجعت لنفسي في الخلاء ألومها! لقد أفلست يا نفسي، أما سفهك قومك بأفراد وجماعات، فلا غني فتح كيسه ولا جماعة اهتزت لما دعوت إليه، وبعد ألف جهد ظفرت بمائة ليرة ورقا، جائزة لأحفاد أولئك الذين افتخر بهم فخامة الرئيس في باريز فلماذا لا تقرعين بابه؟
أتفتح لنا يا سيد؟ أنت تعلم أنه ليس في مكنتنا بنيان دولة عظمى كبريطانيا مثلا، ولكنه في اليد إنشاء دولة أدبية تمتد حدودها إلى حيث تشاء تخومها كما تروم، فقل كلمتك وهات يدك.
تذكر جيدا كلمة بطرس ليسوع: «يا سيد قد تعبنا الليل كله ولم نصطد شيئا، ولكننا لأجل كلمتك نلقي الشبكة»، أتقول هذه الكلمة لأطرح الصوت فيأتي الناس ويعينوني على إخراج شبكتي من بحرك الطامي؟
أتكون الفقيه المثقف ويشقى في عهدك الأدباء؟ إن أشقى الجمهورية اللبنانية أدباؤها، وهم الذين يبنون مجدها الخالد مسخرين غير مأجورين، لست أطمع من فخامتك بشيء، فعندي من خير الله وخيرك خبز وكسوة، ولكني أسألك العون على هذا الأدب، ذخيرتنا الباقية وسلاحنا الفرد، فالأدباء أيتام في مأدبة الجمهورية، لا يذكرهم أحد بكسرة يسندون بها قلبهم، فما يمنع أن تكون لهم «جائزة إده» يتسابقون إلى نيلها واحدا إثر واحد، تشحذ العقول وينبه بين أمم الأرض ذكر الجمهورية التي أحببتها.
قلت لك - عفوا إذا تركت الميم - إنني لا أتمنى شيئا غير هذا، فوالله وبالله وتالله (بكسر الهاء) بل لا أتمنى الحياة إلا للعمل الدائم في بنيان هذه الدولة التي نحن بها مستهزئون.
إننا في أنفسنا قوة ولكننا - ويا للأسف - عن إظهارها عاجزون، ما نفع «الاستحقاق اللبناني» يعلق على التوابيت؟ وهل تروق دفينا جودة الكفن؟ إذا استعرضنا التواريخ تخبرنا أن الأدب لا يعيش إلا في ظل دولة، فابسط عليه ظلك، ورفه عن رجاله تسمع الأناشيد الخالدة، إننا نريحك من الأنغام السمجة، ونسمعك ما ترتاح إليه نفسك، خذنا حصتك وأنت الرابح.
ناپیژندل شوی مخ