جداد و قدماء: دراسات او نقد او خبرې اترې
جدد وقدماء: دراسات ونقد ومناقشات
ژانرونه
ثم يتعرض للركالة في الكتب الدينية، كما فعل الشدياق من قبل، ويدعو العلماء من الكهان إلى تهذيب لغتها، ويرى «في قصص التوراة ما يخجل من تلاوته الخليع، ناهيك أنه يعلم الفاسق ما يجهل، فحول وجهك عما فيها من دعارة بني إسرائيل بل بني عزرائيل».
أما الآن وقد انتهينا من هذه الدارسة، فهل كنت تحلم يا أخي إلياس، أن رفيقك مارون الذي كانت نكتته توجعك سوف يكتب عنك هذا الفصل؟ لقد كنت بك رفيقا كما كنت لك صديقا، وأنا قبل وبعد مولع بإحياء الموءودين من أعلامنا.
في المضمار
(1) ديوان الملاط
يعذرني أصحاب الدواوين والكتب إذا ما قدمت ديوان أستاذي شبلي الملاط، ولم أراع النوبة التي يراعيها جميع الناس حتى أصحاب المطاحن، أما هكذا أدبنا الشاعر القديم حين فضل الأستاذ على الوالد.
إننا أمام حقبة لا بد من تدوين كلمة شاهد رأى معاركها وخاض غبارها؛ فشبلي زعيم من المحاربين القدماء عركه النضال عرك الرحى بثفالها، هو سيف غساني لا عيب فيه غير أن به فلولا من قراع الكتائب، ناطح وساور في مجال الأدب والسياسة، وأظنه لم يلق سيفه وترسه بعد، ما زال على شيخوخته في عرنينه شمم منتصب كبرج لبنان الناظر إلى دمشق، لا يحبو إلى الثمانين كما عبر القدماء، بل يقفز ويجمز نحوها غير منحن تحت أثقالها، سبقت ساعته ساعة سواه خمس دقائق فأحرز في زمانه لقب الشاعر العصري، فكان في ديوان العرب - فترة من الزمن - كثبير امرئ القيس: «كبير أناس في بجاد مزمل».
إذا عتق شبلي اليوم في نظر الجيل الطالع، فهذه سنة الوجود، ولنحمد الله على أمرين ، على أن لنا جديدا وعتيقا، والمثل يقول: احفظ عتيقك فجديدك لا يبقى لك.
لست تأمن غضب شبلي، فرب كلمة تخرج من فمك، وأنت لا تقيم لها وزنا، ترجح كفة ميزان غضبه وتقوم القيامة، يقعنسس ويشمخر ، ولكنها عاصفة تمر، وقيد شوك وبلان ترتفع ألسنة لهيبه حتى تلاقي السقف، ثم تهمد النار وتخمد، فإذا خفت غضبه فلا تيأس من رضاه القريب جدا.
شبلي تاريخ حقبة لبنانية، وليس يستطاع تأريخ حقبة في مثل هذا المقام، ولكن لا بد مما يقال، أو لا بد مما له علاقة بشعر الرجل وأدبه، فالمعركة الأدبية التي نشبت حوله في فجر هذا القرن أشبه بمعركة قروم القرن التاسع عشر: الشدياق وأعوانه، واليازجي وأنصاره. وإذا كانت هذه المعركة محلية ودون هاتيك ديمومة وحدة، فقد انجلت عن غنائم أدبية وكانت لنا مدرسة ثانية.
كنت يومئذ في مدرسة الحكمة، وكان يوم أحد، فدعانا أستاذنا الملاط ليمرننا على تمثيل روايته «الذخيرة»، فغادرنا قاعة الدرس مبتهجين؛ لأننا استرحنا من رؤية وجه الراعي الحامض، وما توسطنا «الليوان» حتى رأينا النمر غضبان، ورأينا الأستاذ بشارة عبد الله الخوري يصفر ويخضر، والشيخ إبراهيم المنذر يشير بيديه وعلى فمه ابتسامة حائرة، وهتف الملاط بنا: امشوا. ومشى ومشينا، وراح المنذر وبشارة الخوري، وكانت دقيقة لها ما بعدها في تاريخ نهضتنا.
ناپیژندل شوی مخ