جداد و قدماء: دراسات او نقد او خبرې اترې
جدد وقدماء: دراسات ونقد ومناقشات
ژانرونه
1
فرح أنطون
(1) سيرته وآثاره وأثره
في صيف عام 1937 أذيعت في القاهرة هذه الكلمة:
في الشهر القادم يكون قد مضى على وفاة فرح أنطون خمسة عشر عاما، ويحسن برجال الأدب الذين يعرفون فضل هذا الأديب العظيم في النهضة الحاضرة أن يحتفلوا به، فإن في الاحتفال تنويها بألوان التجديد التي قام بها في توجيه الأدب الحديث نحو الثورة، واعترافا بفضله على التفكير المصري. ونحن لا نعرف أديبا ممن يؤبه بهم في مصر لم يتأثر بأحسن التأثيرات من فرح أنطون، وكثير من النزعات الحسنة في أدبنا يعود إليه. وقد كان دأبنا في كل فرصة أن نعترف بفضله؛ ولذلك نحن ننتهز الفرصة الحاضرة لتنبيه الوجدان الأدبي في مصر إلى ضرورة الاحتفال بمرور خمسة عشر عاما على وفاته.
سلامة موسى
هذه كلمة سلامة موسى في عدد حزيران من مجلته «الجديدة» عام 1937، وسلامة هذا من رءوس كتاب مصر، أديب ثائر من الطراز الأول، يبغض كل قديم حتى نفسه إذا عمر طويلا، ويرى الخير كله في الغرب الذي يبدل كل يوم ثوبا، ويؤلمه الشرق المنكمش القابع في قميصه وسراويله كأنه السلحفاة. يحذو سلامة في العادات والآداب واللغة حذو مصطفى كمال في الدولة، يريد أن يلحقنا بالغرب في كل شيء، حتى دعا إلى استعمال الحروف اللاتينية بدلا من العربية، وقلع الطربوش ولبس القبعة، وحجته أن لبس البرنيطة يصير تفكيرنا غربيا، كأنما عقل الإنسان في رأس طربوشه، كما يقول المثل اللبناني.
إن سلامة يسير إلى التجديد طافرا، ونحن نعجب بالكثير من آرائه الطريفة، وإن شجبنا دعوته إلى الحروف اللاتينية وما أشبهها، أما الطربوش فحسبه أحمد حسن الزيات نصيرا.
ليست هذه ساعة تحليل سلامة موسى وتصويره بالألوان، ولكنها خطوط نرسمها، لعلها تطبع شيئا من صورته في أذهان قرائنا، فهذا الأديب الذي يريد أن يخلق مصر خلقا جديدا يتم بحماسة رسالتين اثنتين: رسالة الشميل وصروف، ورسالة فرح أنطون في الجامعة. وهو ينقل لنا في كل ساعة ما يبتدعه الغرب، وبحسبنا «العقل الباطن» الذي فتن سلامة موسى، ففتن به عقل العالم العربي.
لست أضع الأستاذ سلامة على محك الشدياق، وابن خالويه، بل أقول فيه كلمة قبل الانتقال إلى فرح أنطون: إن سلامة موسى كاتب يجري إلى غاية، وهدفه تجديد الشرق اجتماعيا وأدبيا، ومجلته التي يدل اسمها عليها نشرة ثمينة لا يسد مسدها غيرها، وإذا انطوت - وقد انطوت - كان في الشرق فراغ كالفراغ الذي أحدثه انطواء جامعة فرح أنطون ومقتطف صروف.
ناپیژندل شوی مخ