ما لاقى من التعب والإجهاد والتنقل، والسهر ليال طوال: نسأل الله ﷿ أن يرفعه بكل حرف من حروف مسنده درجات.
قال عبد الله بن الإمام أحمد: "خرج أبي المسند من سبعمائة ألف حديث" (١).
وقال حنبل بن إسحاق: " جمعنا عمي - يعني الإمام أحمد - لي ولصالح ولعبد الله، وقرأ علينا المسند وما سمعه منه - يعني تاما - غيرنا. وقال لنا: إن هذا الكتاب قد جمعته وانتقيته من أكثر من سبعمائة وخمسين ألفا، فما اختلف فيه المسلمون من حديث رسول الله ﷺ فارجعوا إليه، فإن كان فيه وإلا ليس بحجة ".
قال الإمام ابن قيم الجوزية: "هذه الحكاية قد ذكرها حنبل في تاريخه، وهي صحيحة بلا شك" (٢).
مناقشة العبارة السابقة:
تأمل قول الإمام أحمد بن حنبل السابق: "فإن كان فيه وإلا ليس بحجة". فماذا يقصد الإمام أحمد بقوله هذا؟!
يجيب على هذا التساؤل ابن الجزري ﵀ فيقول: "يريد أصول الأحاديث، وهو صحيح فإنه ما من حديث غالبا إلا وله أصل في هذا المسند، والله أعلم" (٣).
وقال ابن قيم الجوزية: "وقد استشكل بعض الحفاظ هذا من أحمد وقال: في الصحيحين أحاديث ليست في المسند. وأجيب عن هذا بأن تلك الألفاظ بعينها وإن خلا المسند عنها فلها فيه أصول، ونظائر،
(١) خصائص المسند (ص٢٢) والمصعد الأحمد (ص٣١) وطبقات الشافعية (٢/ ٣١).
(٢) الفروسية لابن القيم ب (ص٦٩).
(٣) المصعد الأحمد (ص٣١).
25 / 255