جان لاک: مقدمه لنډه
جون لوك: مقدمة قصيرة جدا
ژانرونه
ما من سبب للجدل حول هذا الرأي؛ فما يميز لوك اليوم عن الأغلبية العظمى من الفلاسفة ليس قوة حجة نقاشاته بوجه عام، وإنما بالأحرى فهمه العميق لتأثير الفلسفة في أن يكون لدى الإنسان سبب وجيه ليعيش حياته. إذا كانت الحقيقة في النهاية تعتمد على رغبة الإنسان، وإذا لم تكن لدى الإنسان غاية إلا رغباته، فإن الحياة إذن، التي كان لوك نفسه يحياها، هي ممارسة هزلية لإنكار الذات. وبعد مرور ما يقرب من ثلاثة قرون، لا يزال من المحتمل أن ينطبق هذا الرأي نفسه على العديد من جوانب حياتنا؛ ففكرة أن الحكم على منطقية حياتنا من عدمها ربما يعتمد على مشاورات أقسام الفلسفة بالجامعات، هي فكرة تبدو للوهلة الأولى هزلية بعض الشيء، لكن هذه المزحة تنقلب علينا في النهاية حسبما يرى لوك؛ فحالما نفقد الضمانة الدينية بأن العقل الذي هو «نبراس الرب»، يعمل على نحو فعال بما يتفق مع جميع مقاصدنا، فما لدينا من سبب قاطع بعد ذلك لأن نتوقع أن يعمل العقل على نحو فعال بما يتفق مع أي مقصد. وبمجرد أن نصير غير قادرين على رؤية مقاصدنا كما كلفنا بها على نحو جازم من خارج ذواتنا، يصير من الصعب للغاية أن نحدد المقاصد التي لدينا سبب وجيه للتفكير فيها باعتبارها مقاصدنا الخاصة (أو كي نجعلها كذلك).
وفي مواجهة هذين الخطرين المتمثلين في تذبذب إيمان الإنسان بأبديته، وغموض الكيفية التي يمكن أن يوجد بها سبب وجيه لدى الإنسان ليعيش حياته، تقدم لنا فلسفة لوك قدرا أكبر من التنوير فيما يخص القضية الأولى عن الثانية. ليس هذا بالطبع ما كنا نتمناه، لكنه أمر من السهل تفسيره؛ فمن غير المستغرب أن كثيرين من الفلاسفة اليوم يشاركونه اعتقاده في أن الحقائق المتعلقة بالطبيعة وبالاختراعات المعقدة للعقل البشري مثل الرياضيات والمنطق، لا علاقة لها برغبة الإنسان؛ لكن لوك يرى أن الحقائق المحورية بشأن الكيفية التي يكون بها لدى الإنسان سبب وجيه ليعيش حياته، تكون منفصلة عما يرغب فيه الإنسان عن وعي في وقت معين، وقليلون هم من يشاركونه هذا المعتقد اليوم بأي قدر من الثقة؛ وربما لا توجد فكرة اليوم عن كيفية الدفاع عنه. لكن لا يزال البعض يعيشون (وعدد أكبر منهم يحاولون على نحو متقطع العيش) كما لو كان هذا المعتقد حقيقيا في الواقع، ووفقا لما قاله كولريدج، ذلك الناقد الشرس لأخلاقيات لوك، منذ قرن وثلاثة أرباع قرن: «الجميع تقريبا في الوقت الحاضر يتصرفون ويشعرون على نحو أكثر نبلا مما يظنون.»
إن الرأي القائل بأن لعبة القبعة والدبابيس (وهي لعبة كانت منتشرة منذ القرن السادس عشر وحتى القرن التاسع عشر) مفيدة مثل الشعر، ما دام الإنسان يستمتع بها؛ هو شعار أكثر النظريات الحديثة تأثيرا فيما يتعلق بنفع البشر وصالحهم؛ ألا وهي نظرية النفعية لجيرمي بنثام؛ وما دفع لوك إلى رفضها ليس الزعم ذا النزعة النفعية المماثلة (وغير المقنع إلى حد كبير) بأن الحقيقة هي أكثر شيء ممتع في العالم، وإنما القناعة الأهم بأن الحقيقة تختلف عن الزيف، وأنها يمكن الوصول إليها، وأنها تستحق السعي وراءها، وأنها عند الوصول إليها سوف تخبر الإنسان بكل وضوح الكيفية التي ينبغي أن يعيش وفقا لها. كانت هذه هي القناعة التي وضع لوك ثقته فيها، وعاش حياته مدافعا عنها، وبسببها لا يزال يقدم لنا عبر القرون القدوة في الشجاعة الفكرية الدائمة. وربما جانبه الصواب كثيرا عندما وثق فيها، وإن كان الأمر كذلك، فلا يمكننا الاعتماد على تفكيره لحسم جدالاتنا، لكن الشيء الأكيد أننا أيضا في أمس الحاجة إلى هذه الشجاعة الفكرية في كل منحى من مناحي حياتنا مثله تماما.
المراجع
The manuscript by Sydenham quoted on p. 10 is from Kenneth Dewhurst,
John Locke, Physician and Philosopher: A Medical Biography (Wellcome Historical Medical Library, 1963). Henry Ireton’s question to the Leveller leaders in the Putney debates quoted on p. 43 is taken from A. S. P. Woodhouse (ed.),
(J. M. Dent & Son, 1938). Coleridge’s comment cited on p. 97 comes from Kathleen Coburn (ed.),
The Notebooks of Samuel Taylor Coleridge,
ii. 1804-1808 (New York, 1961), entry 2627.
قراءات إضافية
ناپیژندل شوی مخ