جينوسايد
جينوسايد: الأرض والعرق والتاريخ
ژانرونه
نادت أم خالد: من الطارق يا حسن؟ لم يرد عليها، ارتدى ثيابه على عجل، ووضع كل ما يملك من جنيهات في جيبه، ثم خرج كالبرق من البيت، كان يركض كالمجنون بين الأزقة الضيقة نحو بيت طبيب الحارة، كان الفرح يختلج صدره لأن أنوشكا فكرت به دون غيره ليقف معهم، أخذته أفكار كثيرة وهو يعبر زقاقا تلو الآخر، وقال في نفسه إنها فرصة كبيرة للتقرب من عائلتها.
دخل الطبيب إلى غرفة المريض، خرجت أنوشكا مع أمها من الداخل، رمقت الأم حسن بنظرة غريبة، همست بأذن أنوشكا، ودار حديث هامس بينهما، انتهى الحديث بابتسامة من أمها وكلمة شكر لحسن، هز رأسه وقد تجمدت عروق الدم على جبينه من الخجل، تأخر الطبيب في الداخل، كانت الأم لا تستطيع الجلوس من شدة القلق فتروح وتجيء ذهابا وإيابا في باحة المنزل وتتمتم بأدعية وتصلي للرب من أجل زوجها، وأنوشكا تسترق النظر إلى حسن وتبتسم.
خرج الطبيب من الغرفة، فهرعت الأم إليه: أخبرنا عن وضعه، أهو بخير؟ - هو بخير، أعطيته بعض المهدئات، سيستريح ويخلد للنوم بعد قليل، حرارته مرتفعة وجسده الهزيل لا يتحمل ذلك، عندما يستفيق في المساء أعطيه ملعقة من هذا الدواء، وغدا عند الصباح ملعقة أخرى، وهكذا لمدة ثلاثة أيام، وإن لم يتحسن حاله فأخبروني.
مكث حسن النهار كله في بيت العم أرتين، أكل للمرة الأولى بمائدة واحدة مع أنوشكا وأمها وهو في قمة السعادة، شعر وكأنه أصبح من أهل الدار، قالت له الست مريم: وجهك ليس غريبا عني، أظنني قد رأيتك في مكان لا أذكره. - نعم، عند باب أم فاطمة في ليلة حناء ابنتها. - آه تذكرت، لقد كبرنا وغزا النسيان ذاكرتنا. - ما زلت شابة، لا بل إنك أجمل من صديقات أنوشكا.
ضحكوا جميعا من مقولته، فردت الست مريم وهي ترمق أنوشكا بأطراف عينيها: وأجمل من أنوشكا أيضا؟
سكت حسن واحمر وجهه وتلعثم لا يدري ماذا يرد حتى نظر في عينيها وقال: جمالها من جمالك، وما سعة العينين التي عندها إلا من عينيك، باختلاف اللون الذي أخذته من أبيها. - تهرب واضح.
ابتسم حسن ولم يستطع الرد، ثم دار حديث طويل بينهما، كانت امرأة خفيفة الظل حلوة المعشر، لكنها تثرثر كثيرا، قصت لحسن حياتها منذ الطفولة إلى ذلك اليوم، وكم تقدموا لخطبتها من شبان الحي ومن خارجه حتى من خارج القدس قدموا لخطبتها، لا بل حتى ضابط بريطاني أغرم بها، لكنها كانت ترفض وترفض، فسار العمر على عجل وقلت الخطى إلى بابها، وبدت ملامح الكبر تظهر عليها حتى قبلت برجل على أبواب الخمسين من عمره هربا من فك العنوسة! قال حسن في نفسه: هذه نهاية أغلب الجميلات، يقتلن الفرص الكبيرة بأيديهن في زهرة العمر، ثم عندما تذبل تقبل بأي كان، ثم تفتأ تندب حظها طول العمر!
بعدها تحسنت صحة العم أرتين، شكر حسن كثيرا على وقفته معهم وقال: بارك الرب بك يا بني.
كان الطبيب حاضرا يكشف على حاله فأضاف إليه: ليس غريبا عنه ذلك؛ فحسن من زينة شباب حارتنا.
اعتلى الاحمرار وجه حسن، فرد على خجل: شكرا لكما.
ناپیژندل شوی مخ