فانطلت عليهما حيلته، وقالت أم حبيب: «سيكون هنا بعد قليل، فقد ذهب إلى القاهرة لإنجاز بعض المهام.»
فعجب سليم من ذهاب حبيب إلى القاهرة دون أن يخبره، وعاودته الهواجس فخيل إليه أن لذهاب حبيب إلى القاهرة علاقة بسلمى، ولا سيما أن اليوم يوم جمعة والأعمال معطلة في دور الحكومة، وكان المنتظر أن يبقى معه طول اليوم لو أنه كان مخلصا في صداقته له وليس متواطئا مع سلمى عليه.
واشتدت به الوساوس حتى اعتقد أن حبيبا ما دعاه إلى الإقامة بمنزله في حلوان، إلا ليبعده عن القاهرة، فيخلو جوها لسلمى وله ويتساقيان كئوس حبهما الآثم وهما آمنان مطمئنان!
ولاحظت والدة حبيب أن غيابه أقلق سليما وأزعجه إلى حد ملحوظ، فأرادت أن تشغله عن ذلك والتفتت إلى ابنتها وقالت لها: «هلا أحضرت يا شفيقة كتابا أو رواية لطيفة مما عند حبيب لكي يتسلى عزيزنا سليم بالمطالعة إذا شاء؟»
فنهضت شفيقة وخرجت من الغرفة ثم عادت بعد قليل وقالت وهي تشير إلى بضعة مفاتيح صغيرة في سلسلة بيدها: «الحمد لله لقد وجدت كل كتب حبيب ورواياته في خزانته الخاصة التي يحرص دائما على إغلاقها والاحتفاظ بمفاتيحها معه، لكنه لحسن الحظ لم يرتد معطفه، وهذه هي وجدتها فيه، فأي أنواع الكتب أو الروايات أحضرها؟»
فالتفتت والدتها إلى سليم وسألته: «ألا تحب مطالعة القصص؟»
فقال: «لا بأس ففي مطالعتها تسلية.» قال هذا وهو يجاهد لإخفاء ما به.
فهرولت شفيقة إلى خزانة كتب حبيب، ثم عادت بعد قليل وفي يدها رواية إفرنجية وقالت: «لا بد من أن تكون هذه الرواية جميلة مشوقة، فمنذ أسبوع رأيتها في يد حبيب يطالعها في شغف عظيم، وأمضى ليلة كاملة ساهرا في غرفته حتى أتم قراءتها.»
فقالت والدتها: «وأنا أيضا رأيته مشغولا بقراءتها عند فجر تلك الليلة.»
فتناول سليم الرواية، وأخذ يقلب صفحاتها متظاهرا بالمطالعة. وخرجت شفيقة وأمها من الغرفة ليتركا سليما يطالع الرواية في هدوء، ويشرفا على شئون البيت. •••
ناپیژندل شوی مخ