231

جوهر شفاف

الجوهر الشفاف الملتقط من مغاصات الكشاف

ژانرونه

شعه فقه

{قل إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه} يعني من ولاية الكفار أو غيرها، {يعلمه الله} ولم يخف عليه وهو الذي {يعلم ما في السموات وما في الأرض} لا يخفى عليه منه شئ قط فلا يخفى عليه سركم وعلنكم {والله [145{على كل شئ قدير} فهو قادر على عقوبتكم وهذا بيان لقوله ويحذركم الله نفسه، لأن نفسه وهي ذاته المتميزة من سائر الذوات، مختصة بعلم ذاتي، لا يختص بمعلوم دون معلوم، فهي متعلقة بالمعلومات كلها، وبقدرة ذاتية لا تختص بمقدور دون مقدور فهي قادرة على المقدورات كلها، فكان حقها أن تجدر وتتقي فلا يحسن أحد قبيح ولا يقصر عن واجب، فإن ذلك مطلع عليه لا محالة، فلا حق به العقاب ولا علم بعض عبيد السلطان أنه أراد الاطلاع على أحواله همة بما يورد ويصدر ونصب عليه عيونا، وبث من يتجسس عن بواطن أموره، لأخذ حذره والتيقظ في أمره ونفي كل ما يتوقع فيه الإسترابة به فما بال من علم أن العالم للذات الذي يعلم السرور خفي مهيمن، وهو من اللهم إنا نعوذ بك من الاغترار بسترك، {يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا} أي: مكتوبا في صحيفتها تقرأه مسرورة به وتجز به، {وما عملت من سوء} أي: الذي عملته من السوء والمعاصي {تود} أي: تتمنى، {لو أن بينها وبينه أمد بعيد} مسافة بعيدة {ويحذركم الله نفسه} كرر التحذير ليكون على بال منهم لا يغفلون عنه {والله رؤوف بالعباد} يعني: أن تحذيره نفسه وتعريفه حالها من العلم والقدرة من الرأفة العظيمة بالعباد لأنهم إذا عرفوه حق المعرفة وحذروه دعاهم ذلك إلى طلب رضاه واجتناب سخطه، وعن الحسن من رأفته بهم أن حذرهم نفسه ويجوز أن يريد أنه مع كونه محذورا لعلمه وقدرته مرجوا لسعة رحمته.

قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم(31)قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين(32)إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين(33)ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم(34)

{قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله} محبة العباد لله مجاز عن إرادة نفوسهم اختصاصه بالعباد دون غيره، ورضيتهم فيها ورحمة الله عباده أن يرض عنهم ويحمد فعلهم، والمعنى إن كنتم تريدون العبادة لله على الحقيقة فاتبعوني حتى يصح ما تدعونه من إرادة يرض عنكم {ويغفر لكم ذنوبكم} وعن الحسن زعم أقوام على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنهم يحبون الله فأراد أن يجعل لنفوسهم تصديقا من عمل فمن ادعا محبته وخالف سنة رسوله فهو كذاب وكتاب الله يكذبه.

قال رضي الله عنه: وإذا رأيت من يذكر محبة الله ويصفق بيده مع ذكرها ويطرب وينعر ويصعق فلا تشك أنه لا يعرف ما الله ولا يدري ما محبة الله وما تصفيقه وطربه ونعرته وصعقه إلا لأنه تصوره في نفسه الخبيثة صورة مستملحة معشيقة فسماها الله بجهله ودعا ربه ثم صفق وطرب على تصورها وربما رأيت المعنى قد ملأ إن أرى ذلك المحب عند صعقته، وجهال العامة حواليه، قد ملأوا أرديتهم بالدموع لمرافقهم من حاله وقرئ تحبون ويحبكم من حبه بحبه، قال الحب عنيد ومشوق أبنا للشاعر:

أبا ثرو إن من حب تمرة

ووالله لولا تمرة ما حبته ولا كان ... وأعلم أن الرفق بالحجار أرفق

مخ ۲۷۷