جوهر شفاف
الجوهر الشفاف الملتقط من مغاصات الكشاف
ژانرونه
قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم وبئس المهاد(12)قد كان لكم آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رأي العين والله يؤيد بنصره من يشاء إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار(13)زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب(14) {قل للذين كفروا} أي: أي قل يا محمد لمشركي مكة {ستغلبون} يعني يوم بدر وقيل هم اليهود ولما غلب رسول الله يوم بدر، قالوا هذا والله النبي الأمي الذي بشرنا به موسى، وهموا باتباعه، فقال بعضهم: لا تجعلوا حتى تنظروا إلى واقعة أخرى فلما كان يوم أحد شكوا وقيل جمعهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد وقعة بدر في سوق بني قينقاع وقال: ((يا معشر اليهود أحذروا مثل ما نزل بقريش وأسلموا قبل أن ينزل بكم ما نزل بهم وقد عرفتم أني نبي مرسل فقالوا: لا يغرنك إنك لقيت قوما أغمارا لا علم لهم بالحرب، وصبت منهم فرصة لأن قاتلتنا لعلمت أنا نحن الناس فنزلت)) {وتحشرون إلى جهنم وبئس المهاد} أي: يجمعون إليها في الآخرة وبئس ما مهد لكم وما مهدتم لأنفسكم، والمهاد الفراش،{قد كان لكم آية} أي: علامة تدل على صدق محمد صلى الله عليه وآله وسلم والخطاب لمشركي قريش {في فئتين} يعني المسلمين والمشركين {التقتا} أي: اجتمعتما يوم بدر للقتال {فئة تقاتل في سبيل الله} وهم المسلمون {وأخرى كافرة} وهم المشركون {يرونهم مثليهم} أي: يرون المشركون المسلمين مثلي عددهم المشركين قريبا من ألفين أو مثلي عدد المسلمين ستمائة ونيفا وعشرين، أراهم الله إياهم مع قلتهم أضعافهم ليخافوهم ويجنبوا عن قتالهم وكان ذلك مددا لهم من الله كما أمدهم بالملائكة والدليل عليه قراءة نافه ترونهم بالتاء، أي ترون بمشركي قريش المسلمين مثلي فئتيكم الكافرة أو مثلي أنفسهم وهذا لا يناقض قولا في سورة الأنفاس ويقللكم في أعينهم لأنهم قللوا أولا في أعينهم حتى اجترؤا عليهم فلما خالطوهم كثروا في أعينهم حتى غلبوا فكان التقليل والتكثير في حالين مختلفين وتقليلهم تارة وتكثيرهم أخرى أبلغ في القدرة وإظهار الآية وقيل يرى المسلمون المشركون مثليهم وهم كانوا ثلاثة أمثالهم، {ولكن الله قللهم في أعينهم} على قدر ما أعلمهم أنهم يغلبونهم لتقوى قلوبهم وذلك أن الله قد علم المسلمين أن المائة منهم تغلب المائتين من الكفار وقرأه نافع لا تساعد عليه لأنها بالتاء خاب لأهل مكة {رأي العين} أي: رؤية معاينة ومشاهدة، ليساووا المعينات التي لا لبس فيها،{والله يؤيد بنصره من يشاء} أي: يقوي بنصره من أراد كما أيد أهل بدر بتكفيرهم في عين العدو {إن في ذلك لعبرة} أي لموعظة واعتبارا يدل على قدرة الله {لأولي الأبصار} لذوي التفكر المبصرين بعيون عقولهم {زين للناس} المزين هو الله سبحانه، للإبتلاء وعن الحسن الشيطان والله زينها لهم لأنا لا يعلم أحدا أذم لها من خالقها {حب الشهوات من النساء والبنين} جعل الأعينان التي ذكرها شهوات مبالغة في كونها مشتهى محروصا إلى الاسماع بها والأحسن أنه أراد تحقيرها، فسماها شهوات، لأن الشهوة مستقذرة عند الحكماء مذموم من اتبعها شاهد على نفسه بالهيمة وقال زين للناس حب الشهوات ثم جاء بالتفسير لتقرر أولا في النفوس، إن المزين لهم حسبه ما هو إلا شهوات لا غير ثم نفسره بهذه الأجناس فيكون أقوى لتجنيسها ودل على ذم من يستعظمها فتهالك عليها ويرجح طلبها على طلب ما عند الله، {والقناطير المقنطرة} القناطير جمع قنطار وهو المال الكثير قبل مل مسك ثور وقيل مائة ألف دينار،.
وعن سعيد ابن جبير قال رضي الله عنه: ولقد جاء الأب الأم يوم جاءوا بمكة مائة رجل قد قنطروا والمقنطرة مأخوذة من لفظ القنطار تأكيد لقولهم ألف مؤلفة وبدر مبدرة {من الذهب والفضة والخيل المسومة} المعلمة من السومة وهي العلامة أو المرعية من أسام الدابة، وسومها إذا أرعاها {والأنعام} هي الأزواج الثمانية {والحرث} يعني الزراعة وقيل الأرض المهيئة لها {ذلك} المذكور، {متاع الحياة الدنيا} يعني ما يتمتع به فيها مما يزول ولا يبقى، {والله عنده حسن المآب} المرجع الحسن وفي هذا تنبيه على ذم من يستعظم الدنيا ويتبع شهواته، وجد على طلب ما عند الله بالزهد والإعراض عن الشهوات.
مخ ۲۶۶