جوهر شفاف
الجوهر الشفاف الملتقط من مغاصات الكشاف
ژانرونه
{وإذ قال إبراهيم ربي أرني} أي: أبصرني {كيف تحي الموتى} قيل: رأى إبراهيم جيفة بساحل البحر، تتناول منها السباع والطيور ودواب البحر ففكر كيف يجمع ما قد تفرق منها، وتطلعت نفسه إلى مشاهدة ميت يحيه الله فقال: يا رب قد علمت أنك تجمعها من بطون السباع وحواصل الطير، فإرني كيف تحييها لأعاين ذلك، فقال له ربه تبارك وتعالى {قال أولم تؤمن} تصدق بقدرتي على ذلك {قال بلا} معناه آمنت {ولكن ليطمئن قلبي} ليزيد سكونا وطمأنينة باجتماع علم الضرورة إلى علم الاستدلال وظاهر الأدلة أسكن للقلوب وأزيد للبصيرة، واليقين ولأن علم الاستدلال يجوز معه التشكيل بخلاف العلم الضروري فأراد الطمأنينة القلب، العلم الذي لا محال فيه لا تشكيك وإنما قال له أولم تؤمن وقد علم أنه أثبت الناس إيمانا ليجيب بما أجاب به لما فيه من الفائدة الجليلة للسامعين، وهو أن يعلموا أن طلبه ذلك إنما كان لطمأنينة وازدياد السكون، لا لأنه لم يؤمن {قال فخذ أربعة من الطير} قيل: طاووسا وديكا وغرابا وحمامة {فصرهن إليك} يعني: أملهن وأضممهن إليك {ثم اجعل على كل حبل منهن جزء} يريد ثم جزئهن وفرق أجزائهن على الجبال ومعناه: على كل جبل من الجبال التي في حضرتك وفي أرضك قيل: كانت أربعة أجبل وعن السدي سبعة {ثم ادعهن} أي قل لهن تعالين بإذن الله {يأتينك سعيا} ساعيات مسرعات في طيرانهن أو في مشيهن على أرجلهن ومعنا: أمره بضمها إلى نفسه بعد أن يأخذها ليتأملها ويعرف أشكالها وهيئاتها وجلالها ليلا ليلتبس عليه بعد الإحياء ولا يتوهم أنها غير تلك ولذلك قال يأتينك سعيا وروي أنه أمر أن يذبحها وينتف ريشها ويقطعها ويفرق أوصالها وأجزائها، ويخلط ريشها ولماها ولحومها بعضها ببعض وأن يمسك رؤسها عنده، ثم أمر أن يجعل أجزاءها على الجبال على كل جبل ربعا من كل طائر ثم يصيح بها تعالين بإذن الله فجعل كل جزء يطير إلى الآخر حتى صارت جثثا ثم أقبلنا فتضممنا إلى رؤسهن كل جثة إلى رأسها {واعلم أن الله عزيز} لا يمتنع عليه ما يريد {حكيم} عالم بإحياء الميت وإحكام صنعته.
مخ ۲۳۲