جوهر شفاف
الجوهر الشفاف الملتقط من مغاصات الكشاف
ژانرونه
أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوما أو بعض يوم قال بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما فلما تبين له قال أعلم أن الله على كل شيء قدير(259) {أو كالذي مر على قرية} معناه: أو رأيت مثل الذي فحذف للدلالة قوله ألم تر لأن كلتيهما كلمة تعجب ويجوز أن يحمل على المعنى دون اللفظ كأنه قيل أرايت يا محمد كالذي حاج إبراهيم، أو كالذي مر على قرية والمار كان كافرا بالبعث وهو الظاهر لانتظامه مع نمرود في سلك التعجيب وقيل هو عزير أو الخضر أراد أن يعاين إحياء الموتى ليزداد بصيرة كما طلبه إبراهيم والقرية بيت المقدس حين خربه لحنت نصر وقيل: هي التي خرج منها الألوف {وهي خاوية على عروشها} أي: ساقطة على سقوفها، وذلك أن الحيطان كانت قائمة وقد تهدمت سقوفها ثم انقلعت الحيطان فسقطت على السقوط قال يعني المار على القرية وهو عزير مر على بيت المقدس بعد ما أخربه لحت نصر {فقال أنى يحي هذه الله بعد موتها} قوله هذا اعتراف بالعجز عن معرفة طريق الإحياء واستعظام لقدرة المحيي فأراه الله الدليل على ذلك {فأماته الله مائة عام} وذلك أنه نام فنزع الله منه الروح في هذه المدة {ثم بعثه} أي: أحياه وقال له {قال كم لبثت} أي: كم أقمت ميتا {قال لبثت يوما أو بعض يوم} بنا منه على الظن روي أنه مات ضحى وبعث بعد مائة سنة قبل غروب الشمس فقال قبل النظر إلى الشمس يوما ثم التفت فرأى بقية من الشمس فقال أو بض يوم {قال بل لبثت مائة عام} أي: قال الله له ذلك ثم أمره بالنظر إلى مكان معه والمعرفة له ليعتبر ويتحقق القدرة العظيمة بقوله [119{{فانظر إلى طعامك وشرابك} روي أن طعامه كان تينا وعنبا وشرابه عصيرا أو لبنا فوجد التين والعنب كما جنيا والشراب على حاله، {لم يتسنه} لم يتغير، وذلك أن الشئ يتغير بمرور الزمان ويجوز أن يكون معنى لم يتسنه لم تمر عليه السنوات التي مرت عليه، معنى هو بحاله كما كانه لم يلبث مائة سنة {وانظر إلى حمارك} كيف تفرقت عظامه وتجزأت وكان له حمار قد ربطه وقيل آيات الله حماره أيضا فلما مضيت مائة سنة أحيا الله منه عينيه وسائر جسده ميت، ثم أحيا جسده وهو ينظر ثم نظر إلى حماره فإذا أعظامه بيض تلوح فأمر الله العظام أن تكتسي لحما وجلدا فكان ذلك، وقام بإذن الله ويجوز أن يراد والنظر إليه سالما في مكانه كما ربطه، وذلك من أعظم الآيات أن يبعثه مائة عام من غير علف ولا ماء، كما حفظ طعامه وشرابه من التغير {ولنجعلك آية للناس} أي: فعلنا ذلك يريد إحياءه بعد الموت وحفظ ما معه قيل: جعله آية بأن بعثه شابا أسود الرأس واللحية، وبنوا بنيه شيب، وقيل: أتى قومه راكبا حماره وقال أنا عزير فكذبوه فقال: هاتوا التوراة فأخذ يهدها هدا عن ظهر قلبه وهم ينظرون في الكتاب، فما خرم حرفا فقالوا هو ابن الله ولم يقرأ التوراة ظاهرا أحد قتل عزير فذلك كونه آية وقيل: رجع إلى منزله فرأى أولاده شيوخا وهو شاب، فإذا حدثهم بحديث قالوا أحديث مائة سنة، {وانظر إلى العظام} هي عظام الحمار أو عظام الموتى الذي تعجب من إحيائهم {كيف ننشزها} كيف يحيها من نشز الله الموتى بمعنى أنشزهم فنشزوا وقرأ بالزاي بمعنى يحزكها ويرفع بعضها إلى بعض للتركيب، {ثم نكسوها لحما} أي: نغطيها باللحم كما تغطى بالكسوة، {فلما تبين له أن الله على كل شئ قدير {قال أعلم أن الله على كل شئ قدير} وهذا على أن المار كافر وحذف الأول لدلالة الثاني عليه وعلى أن المار عزير والخضر يكون معناه، فلما تبين له ما أشكل عليه من كيفية إحياء الموتى قال أعلم أن الله على كل شئ قدير وأن معرفة طريق الإحياء والبعث في الآخرة كمعرفة طريقة الإحياء وهذه ومساغ تكليم الله للكافر لأن الكلام كان بعد البعث، ولم يكن إذ ذاك كافرا.
مخ ۲۳۰